Sharh Mukhtasar Al-Sarim Al-Maslul - Muhammad Hasan Abd Al-Ghaffar

Muhammad Hassan Abdul Ghafar d. Unknown
81

Sharh Mukhtasar Al-Sarim Al-Maslul - Muhammad Hasan Abd Al-Ghaffar

شرح مختصر الصارم المسلول - محمد حسن عبد الغفار

Géneros

أحوال الذمي في سب الله جل في علاه وحكم كل حالة ثم لا بد أن نبين أن هذه المسألة المهمة تتعلق بها حالتان: الحالة الأولى: أن يسب الله جل في علاه تدينًا لا قصد الاستهزاء أو التنقيص من عظمة الله جل في علاه، بل هو يتعبد بذلك كما يفعل اليهود والنصارى، وهم يقولون: بسم س، بسم ص، بسم ع، في ثلاثة أسماء يسمونها، وأيضًا: ينسبون عيسى لله، أو ينسبون عزيرًا لله، وقد قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ﴾ [المائدة:٧٣]. وقال أيضًا: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ [المائدة:١٧] وهذه آيات باهرات تبين ذلك، لكنهم يتدينون بذلك، فهذه الحالة الأولى. أما الثانية: فهي التنقيص من قدر الله جل في علاه استهزاءً لا تدينًا والعياذ بالله، قصدًا وتجرؤًا كما فعلت اليهود عليهم سحائب اللعائن عندما قالوا: ﴿يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا﴾ [المائدة:٦٤] وقالوا: ﴿إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ﴾ [آل عمران:١٨١] وزعموا: بأن الله عندما خلق الأرض وخلق آدم وخلق الخلق ونظر لفعلهم بكى، نعوذ بالله من غضبه وعقابه، وكأنه يجهل ما الذي سيحدثه خلقه فشبهوه بالمخلوق، فقالوا: إنه بكى حتى أرمد والعياذ بالله، وهذا يعتبر مسبة كبيرة وتنقيصًا من قدر الله جل في علاه وهذه الحالة الثانية. وقد اختلف العلماء في حكم الحالة الأولى على قولين: القول الأول: قول الشافعية والأحناف وجمهور الحنابلة، فقالوا: إن عقد الذمة باق على ما هو عليه، وأن قوله هذا لا يعد سبًا؛ لأنه لا ينتقص من قدر الله ولا يقصد ذلك، بل هو يعتقد تعظيم الله بما يفعل وإن كان هو في الحقيقة تنقيص من قدر الله جل في علاه، ولذلك فإن عقابه هو الخلود في النار أبدًا، لكن الذمة باقية على ما هي عليه، ولا ينتقض العهد بذلك ولا يعتبر ذلك سبًا، بل لا يزال معصوم الدم والمال في حالة التدين بذلك، وهذا هو الراجح الصحيح. أما الحالة الثانية: وهي تعمد الاستهزاء والتجرؤ والتنقيص من قدر الله جل في علاه، فقد اتفق العلماء على أن العهد أو الذمة تنتقض بذلك، وأنه يكون حلال الدم والمال، واختلفوا في استتابته على ثلاثة أقوال: القول الأول: إنه يعامل كمعاملة المسلم في ذلك فيستتاب فإن دخل في الإسلام أو رجع إلى مسألة الذمة. والقول الثاني: إنه لا يستتاب، بل يقتل عند التمكن منه فقط، فإن أسلم قبل التمكن منه سقط القتل عنه، وهي تشبه مسألة سب المسلم لله جل في علاه، وهذا قول الشافعي وجمع من أهل العلم. والقول الثالث: وهو قول المالكية، وظاهر قول أحمد: بأنه لا يستتاب، وحكمه القتل فورًا ولو أسلم بعد ذلك؛ لأن الله جل في علاه قد بين أن حكم المحارب له ولأوليائه القتل، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ﴾ [التوبة:١٢٣] وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة:٧٣]. وقال الله تعالى: ﴿فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة:٥] فلا بد أن يقتل عملًا بعموم هذه الآيات القارعات التي تأمر المسلمين بقتل أهل الكفر. قلنا: إذا كان هذا حكمه فقتله لولي الأمر وليس لآحاد المسلمين، وهذه المسألة لها تفصيل آخر، والله أعلم.

7 / 5