إذ لا يتصور تردد في أن الحاصل من ضرب الاثنين في الاثنين أربعة وبالجملة لما كان مقصود الإمام الرد على المنكرين اقتصر على أن النظر المفيد للعلم مطلقا أو في الإلهيات موجود في الجملة ولما قصد الآمدي إثبات قاعدة تنطبق على الأنظار الجزئية الصحيحة الصادرة عنا في اكتساب العلوم افتقر إلى إثبات الموجبة الكلية فقيد النظر بكونه في القطعيات إذ النظر في الظني لا يفيد العلم وفاقا وبأن لا يعقبه شيء من أضداد الإدراك كالنوم والغفلة والموت فإنه لا علم ح بل لا ظن أيضا وجعل كلا من الأمور المذكورة ضد اللاإدراك على ما هو رأي المتكلمين وإن لم يوافق اصطلاح الفلاسفة وتركنا لتقييد بالقطعي استغناء عنه بذكر الصحيح إذ النظر في الظني لطلب العلم يكون فاسدا من جهة المادة حيث لم يناسب المط وليتناول النظر المط به التصور هذا وظاهر كلام المتكلمين أنهم يريدون بالعلم والنظر عند الإطلاق ما يخص التصديقات وأن ما ذكرنا في قولهم العلم صفة توجب تمييزا لا يحتمل النقيض والنظر فكر يطلب به علم أو ظن أنه يعم التصور والتصديق تكلف منا قال بمعنى حصوله عقيبه يشير إلى كيفية إفادة النظر للعلم فعندنا هي بخلق الله تعالى العلم عقيب تمام النظر بطريق إجراء العادة أي تكرر ذلك دائما من غير وجوب بل مع جواز أن لا يخلقه على طريق خرق العادة وذلك لما سيجيء من استناد جميع الممكنات إلى قدرة الله تعالى واختياره ابتداء وأثر المختار لا يكون واجبا ثم القائلون بهذا المذهب فرقتان منهم من جعله بمحض القدرة القديمة من غير أن يتعلق به قدرة العبد وإنما قدرته على إحضار المقدمتين وملاحظة وجود النتيجة فيهما بالقوة ومنهم من جعله كسبيا مقدورا وعند المعتزلة بطريق التوليد ومعناه أن يوجب فعل لفاعله فعلا آخر كحركة اليد لحركة المفتاح فالنظر على أي تفسير فسر فعل للناظر يوجب فعلا آخر له هو العلم إذ معنى الفعل ههنا الأثر الحاصل بالفاعل لا نفس التأثير ليرد الاعتراض بأن العلم ليس بفعل وكذا النظر على أكثر التفاسير ألا ترى أن الحركة أيضا ليست كذلك وقد اتفقوا على أن حركة اليد وحركة المفتاح فعلان لفاعل واحد واحتج بعض أصحابنا بعد إبطال التوليد مطلقا على بطلانه ههنا بأن تذكر النظر لا يولد العلم اتفاقا فكذا النظر ابتداء لاشتراكهما في النظرية واعترض بأن هذا لا يفيد اليقين لكونه عائدا إلى القياس الشرعي وإن أدى بصورة قياس منطقي بأن يقال لو كان النظر مولدا لكان تذكره مولدا لعدم الفرق واللازم باطل وفاقا ولا لإلزام لأنهم إنما قالوا بالحكم أعني عدم التوليد في الأصل أعني في التذكر لعلة لا توجد في الفرع أعني ابتداء النظر وهي كونه حاصلا بغير قدرة العبد واختياره حتى لو كان التذكر بقصد العبد لكان مولدا فيصير الحاصل أن هذا قياس مركب وهو أن يكون حكم الأصل متفقا عليه بين المستدل والخصم لكن يعلل عند كل منهما بعلة أخرى والخصم بين منع وجود الجامع بين الأصل والفرع إذ ابتداء النظر لا يشارك تذكره
Página 34