لعل الناظم حن إلى مرابع الآباء والأجداد من بلاد الإسلام، بخارى من أعظم مدن ما وراء النهر، وقد خرج منها علماء في كل فن يجاوزون الحد، من أبرزهم أبو عبد الله البخاري صاحب الصحيح، وقد فتحت بخارى مرتين: الأولى في عهد معاوية - رضي الله عنه -، سنة (55) خمس وخمسين من الهجرة، بقيادة سعيد بن عثمان بن عفان، والثانية سنة (87) سبع وثمانين من الهجرة، # بقيادة قتيبة بن مسلم (¬1) أو إلى حران مسقط رأسه، ومقر نشأته ولذلك وقع في النفس كبير، وحران بلدة من الجزيرة، نسبت إلى حران بطن من همدان، كان بها جماعة من الفضلاء والعلماء، وهي من ديار ربيعة أو مضر، ظهر بها الصابئة وهم الحرانيون المذكورون في كتب الملل والنحل (¬2) ولا أظنه أراد سوى الأولى، ولا يبعد حنينه لمسقط رأسه، وما في البيت من كلمات توحي بجواز الأمرين.
والمربع السامي العلي سقيا له من مربع:
المربع مكان الإقامة، والربع هو المنزل، والدار بعينها، والوطن متى كان، وبأي مكان كان، ومنه قول رسول لله - صلى الله عليه وسلم -: (وهل ترك لنا عقيل من ربع؟ وفي رواية: من رباع) وهي المنزل ودار الإقامة (¬3) وقد وصفه بالسمو والعلو في المكارم، والصفات الحسنة، لأنه لا يوصف بذلك سواها، وطلب السقيا والغيث للمرابع، من أحسن الدعاء لما يتبع ذلك من خير وحسن وجمال تكتسي به المرابع من الديار.
Página 25