Sharh Mansak Shaykh al-Islam Ibn Taymiyyah
شرح منسك شيخ الإسلام ابن تيمية
Géneros
"فذو الحليفة هي أبعد المواقيت بينها وبين مكة عشر مراحل، أو أقل أو أكثر بحسب اختلاف الطرق، فإن منها إلى مكة عدة طرق، وتسمى وادي العقيق، ومسجدها يسمى مسجد الشجرة، وفيها بئر تسميها جهال العامة "بئر علي" لظنهم أن عليًا قاتل الجن بها وهو كذب، فإن الجن لم يقاتلهم أحد من الصحابة، وعلي أرفع قدرًا من أن يثبت الجن لقتاله، ولا فضيلة لهذا البئر ولا مذمة، ولا يستحب أن يرمي بها حجرًا ولا غيره".
نعم هذا الميقات الأول: ذو الحليفة، ميقات أهل المدينة، يقول: "هي أبعد المواقيت" هذا هو الواقع، بعيدة جدًا يعني أربعمائة كيلو عن مكة، وهي عشر مراحل إذا كانت بقية المواقيت مرحلتان إلا الجحفة أو لا تعد ثلاث مراحل، سيأتي بيانها، المقصود أنها أبعد المواقيت عشر مراحل، أربعمائة كيلو، والمرحلة تقدر بأربعين كيلًا، ومسافة القصر يومان قاصدان، يعني المسألة مطردة؛ لكن شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يقول: "أو أقل أو أكثر" يتجه هذا؛ لأن الطرق كثيرة منها المستقيم الذي هو أقرب طريق يصل بين المكانين أو بين النقطتين كما يقولون، هذا المستقيم أكثر من غيره؛ لكن إذا سلك طريقًا آخر واعتراه في طريقه جبل، ثم تنكب عنه، أو مكانًا وعر لا يمكن المشي فيه، زاد عليه الطريق، وإذا جاء المكان السهل الذي يمكن أن يطرقه سهل عليه الطريق وقصر، ولذا قال أو أقل أو أكثر، وكان الطريق مثلًا من الرياض إلى القصيم عن طريق شقرة خمسمائة كيلو، أو خمسمائة وعشرين، ثم نزل عن طريق السديري إلى أربعمائة وستين، ثم نزل إلى أن صار ثلاثمائة وعشرين أو ثلاثمائة وثلاثين، كل الطرق تؤدي ذلك منها القريب، ومنها البعيد، بحسب اختلاف الطرق، فإن منها إلى مكة عدة طرق وتسمى وادي العقيق، تعرف بأبيار علي، "ومسجدها يسمى مسجد الشجرة" لأن فيه هناك شجرة التي أحرم من عندها النبي ﵊، على بعض الروايات، أحرم من الوادي، أحرم من المسجد، أحرم حينما استقلت به راحلته، على ما سيأتي كل هذه روايات.
1 / 7