أَمَّا الثَّانِي: فَإِنهُ يُسَمَّى ذَلِكَ اللَّفْظُ بِالنِّسْبَةِ إِلَيهِمَا: مُجْمَلًا، وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَينِهِ: مُشْتَرَكًا.
===
وقد أوجز في هذه القِسْمَةِ، وعادته أن يُسَمِّيَ ما نُقِلَ لَا باعتبار مناسبة "مُرْتجَلًا"؛ وهو في ذلك مخالفٌ لاصطلاح النحاةِ؛ لأنَّ المرتَجَلَ عندهم: هو العَلَمُ الذي لم يُنْقَل عن اسْمِ جِنْسٍ ألبتَّةَ؛ كـ"غَطَفَانَ"، ويقابِلِّونَ به المنقُولَ، وإِنما سماه مرتَجَلًا؛ لأنَّه لم يُرَاعِ فيه المعنَى عند نقله ألبتَّةَ، فهو ارتجالٌ مِنْ وجه، وإِنْ نقل إِلى الثاني باعتبار مناسبة، فهذا القسْمُ ينقسم إِلى قسمين:
أحدهما: أن يستقرَّ على الثاني، بحيثُ يصيرُ هو السَّابِقَ إلَى الفَهْمِ عند الإِطلاق فيسمى مَنْقُولًا.
وينقسمُ باعتبارِ الناقِلِ إلَى ثلاثةِ أقسام؛ لأن الناقل: إما أن يكونَ هُوَ الشرْعَ؛ فيسمى شرعيًّا؛ كالصوم، والصلاة، وإِما أن يكونَ أهْلَ العُرْفِ؛ وينقسم إِلَى: عُرْفٍ عَامٍّ: كالدابة، والغائِطِ، وخَاصٍّ: كاصطلاحِ كُلِّ طائفة علَى ألفاظٍ اختصَّتْ بها؛ كالنُّحَاةِ، والعروضِيِّينَ، وغيرِهِمْ.
والثاني: ألَّا يستقرَّ على الثاني، وهو كما ذكره باعتبار موضوعِهِ الأولِ حقيقةً، وباعتبار الثاني مجازًا.
قوله: "وأما الثاني" يعني: أن يُوضَعَ اللفْظُ لمعنَيَينِ فصاعدًا، وضْعًا أَوَّلِيًّا.
قوله: "فإِنه يُسَمَّى ذلك اللفظُ بالنسبة إِليهما مُشتَرَكًا، وبالنسبة إِلى كل واحدٍ بعينه مُجْمَلًا"، هذا اللفظُ يسمَّى باعتبارِ أصل الوضعِ مُشتَرَكًا، وباعتبار الفهم مُجْمَلًا؛ لأن معناه معلَّقٌ على السامِعِ بِدُونِ القرينة.
قوله: "ثم يتفرَّع على هذا التقسيمِ نَوْعٌ آخَرُ من التقسِيمِ، وهو أَنَّ اللفْظَ الَّذِي يُفِيدُ معنى واحدًا: إما أَلَّا يحتَمِلَ غيره، وهو النص ... " إلَى آخره.
يعني بالتقسيمِ الآخَرِ: تقسيمَ اللَّفْظِ إِلَى النَّصِّ والظَّاهِرِ، والمُجمَلِ والمُؤَوَّلِ، وهذا
1 / 164