Comentario a la Metafísica
شرح ما بعد الطبيعة
Géneros
قال ارسطو وبعض الناس ان لم يسلك الانسان لهم فى كلامه سبيل التعاليم لم يقبلوا منه قوله فى ذلك وبعضهم يطالب بشهادة الجماعة وبعضهم يطالب بشاهدة الشاعر وبعض الناس يطلب ان يكون كل ما يتكلم به مستقصى على حقيقته وبعضهم يتاذى بالكلام المستقصى ويكرهه اما لانه لا يمكنه ضبطه واما لان سبيله سبيل قبيح فان الاستقصاء فيه شىء من ذلك ولذلك قد يظن انه كما ان الاستقصاء فى المعاملات نذالة كذلك الامر فيما يتكلم به فلذلك يجب ان يتادب الانسان فى معرفة سبيل كل واحد من الاشياء التى يروم تبيينها فانه من القبيح ان نطلب معا علما من العلوم والجهة التى بها ينبغى ان يبين وليس يسهل ولا وجود واحد من الامرين التفسير انه لما كان قصده فى هذا الفصل ان ينبه على العوائق التى تعوق الناس عن تعلم العلوم وكان قد عرف ما يعرض فيها من قبل الاعتياد والمنشأ الذى يوجب المحبة للامر الذى نشا عليه والبغضة للراى المضاد له وهو اعظم العوائق فانه قد يعوق الفطر المعدة للعلوم يريد ان يعرف ايضا فى هذا الفصل ما يعرض للناس فى العلوم من قبل اختلاف الطباع ومن قبل عدم التادب بصناعة المنطق فهو يقول ان بعض الناس يعرض له ان يطلب فى كل علم اقاويل برهانية من جنس براهين التعاليم وهذا اكثر ما يعرض من عدم التادب بصناعة المنطق وقد يعرض من قبل الاعتياد والمنشا عليها وقد راينا من يعرض له ذلك من قبل الطبع واما قوله وبعضهم يطالب بشهادة الجمع فان هذا قد يعرض ايضا من قبل الطبع وذلك ان كثيرا من الناس ليس يقدرون ان يتجاوزوا بفطرهم الاقاويل الجدلية الى الاقاويل البرهانية وهولاء اذا اعترفوا بالمعقولات فانما يعترفون بها من جهة ما هى مشهورة فيعرض لهم ان ينكروا كثيرا منها متى عرض أن كانت اضدادها مشهورة مثل ما عرض لمن اعتاد النوع من الكلام المسمى فى زماننا علم الاشعرية ان ينكروا امتناع ان يتكون الموجود من لا شىء اعنى من العدم مع كونها قضية اجمع عليها الاوائل اعنى انه ممتنع ان يكون عظم من لا عظم حتى لقد رايت كثيرا ممن يتعاطى الحكمة ينكر كونها اولية وكذلك من ينكر ضرورة اختصاص الصور النوعية بموادها حتى لقد نجد ابن سينا على شهرة موضعه من الحكمة يقول انه ممكن ان يتولد انسان من التراب كما يتولد الفار وهذا ان كان يعتقده ولم يقله موافقة لاهل زمانه فانما عرض له ذلك من قبل مباشرته علم الاشعرية الى غير ذلك مما يشبه هذه الاشياء مما يطول تعديدها واما قوله انه قد يعرض لبعض الناس ان يطالب بشهادة الشاعر فان هذا ايضا يعرض له من قبل الطباع وهم الذين قوتهم الخيالية غالبة على القوة الفكرية ولذلك نجد هولاء لا يصدقون بالامور البرهانية اذا لم يصحبها التخيل فلا يقدرون ان يصدقوا بانه لا ملاء ولا خلاء ولا زمن خارج العالم ولا يقدرون ان يصدقوا بان هاهنا موجودات ليست باجسام ولا هى فى مكان ولا زمن وقد عرض هذا لكثير ممن نظر فى فلسفة ابن سينا ونسب هذا المذهب اليه والظاهر من كلامه ان نسبة هذا المذهب اليه كذب عليه وقد يعرض هذا من قبل الاعتياد ومن قبل عدم التادب بعلم المنطق واما قوله ان بعض الناس يطلب ان يكون كل ما يتكلم به مستقصى على حقيقته فان هذا هو الطبع الفلسفى وقد تتاكد هذه المرتبة بالاعتياد والتادب واما قوله ان بعض الناس يتاذى بالكلام المستقصى فقد ذكر هو علته وجعل السبب فى ذلك اما قصور ذهنه عن ضبطه وتحصيله وهذا هو الذى لا يمكنه تعلم العلوم اصلا وقد يكون لموضع الكسل وطلب الراحة وقد يكون كما قال لموضع غلط يعرض له من تشبيهه المناظرة والجدال بالمعاملة فيعتقد ان الاستقصاء فى الكلام قبيح مثل الاستقصاء فى المعاملة ولما كانت اكثر هذه الاحوال انما تعرض من قبل عدم التادب بصناعة المنطق فان ارسطو انما يسمى علم الادب صناعة المنطق ولذلك قال فلهذا ما يجب ان يتادب الانسان فى معرفة سبيل كل واحد من الاشياء التى يروم بيانها˹ وانما قال ذلك لان صناعة المنطق منها عامة لجميع العلوم ومنها خاصة بعلم علم وليس يمكن ان يكون الانسان اديبا فى تعلم كل صناعة الا بتعلم العام منها والخاص وقد جرت عادة ارسطو ان جعل العام منها فى علم المنطق والخاص فى علم علم ولما خص هذه الصناعة ذكر وصية فى الانتفاع بها والغلط يقع من الناس فيها كثيرا وهو الا يضرب الانسان الى تعلمها مع تعلم العلم الذى ينتفع بها فانه لا يحصل له ولا واحد من العلمين كما قال فانه من القبيح ان يطلب علم من العلوم والجهة التى منها ينبغى ان يتبين˹ وهو بمنزلة من يروم ان يدل الناس على الطريق المجهولة وهو معا يتعلمها او يروم ان ينجى السفينة وهو يتعلم علم الملاحة او يشفى المريض وهو يتعلم الطب كما يقال ان متطببا شفى انسانا دواء مسهلا فافرط به الاسهال فرفع اليه امره فجعل ينظر فى الكتب بماذا يقطع الاسهال المفرط فمات العليل اثناء ذلك وهذا شىء يقع فيه جل الناس فلذلك حفظ منه
[16] Textus/Commentum
Página 49