Sharh Lumat al-I'tiqad by Al-Mahmood
شرح لمعة الاعتقاد للمحمود
Géneros
معنى آية آل عمران والوقف فيها
وهذه الآية في سورة (آل عمران)، وهي قول الله ﷾: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾ [آل عمران:٧]، فالقرآن ورد أنه كله محكم، كما قال تعالى: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ﴾ [هود:١]، أي: أنه كله متقن، وورد أنه كله متشابه، كما في قوله تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ﴾ [الزمر:٢٣] لأنه يشبه بعضه بعضًا في الإحكام والإتقان؛ ثم إنه تعالى في هذه الآية أخبر أن في القرآن آيات محكمات، وفيه آيات متشابهات، فبين الله ﵎ في هذه الآية أن أهل الزيغ يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وإثارة الفتنة بين الناس لإغوائهم عن الحق.
وقوله: (وابتغاء تأويله)، أي: تأويل النصوص لتوافق ما عندهم.
ثم قال تعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ﴾ [آل عمران:٧]، والعلماء ﵏ لهم في الوقف هنا أقوال، والوقف هنا سواء كان على قوله: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ﴾ [آل عمران:٧]، أو على قوله: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ [آل عمران:٧]، مبني على معنى التأويل في الآية: فإذا قيل: إن معنى التأويل في الآية هو التفسير، أي: وما يعلم تفسيره إلا الله، فحينئذٍ يجوز الوقف، فيكون المعنى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ في العلم﴾ [آل عمران:٧]؛ لأن الراسخين في العلم يعلمون تأويل وتفسير القرآن الكريم.
أما على المعنى الثاني المشهور عند السلف، وهو: أن التأويل حقيقة الشيء، فيكون الوقف واجب على قوله: (إلا الله)، ويكون معنى قوله: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ﴾ [آل عمران:٧]، أي: وما يعلم حقيقة هذه الصفة، أو حقيقة ما أعد الله للمؤمنين في الآخرة، أو حقيقة ما أعد الله للكفار في النار إلا الله، ثم قال: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ [آل عمران:٧] يسلمون ويقولون: (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا) .
2 / 5