Sharh Lumat al-I'tiqad by Al-Mahmood

Abdul Rahman bin Saleh Al Mahmoud d. Unknown
119

Sharh Lumat al-I'tiqad by Al-Mahmood

شرح لمعة الاعتقاد للمحمود

Géneros

الرد على شبهة أن الله في كل مكان تقدم أن المخالفين لمنهج السلف في مسألة العلو يقولون بأحد قولين حينما يسئلون عن علو الله ﷾، فبعضهم يقول: الله في كل مكان، وبعضهم يقول: إن الله تعالى لا داخل العالم ولا خارجه! والحقيقة أن هذين القولين باطلان، أما من يقول: إن الله في كل مكان فنقول له: هل تثبت لله ﷾ ذاتًا متصفة بالصفة أم لا؟ فإن أثبت لله ﷾ ذاتًا موجودة متصفة بالصفات، فنقول: أين الله؟ فإن قال: في كل مكان، فنقول: هذا هو قول الحلولية؛ بل إن النصارى قالوا بالحلول في المسيح فقط، وإن الصوفية المشبهين للنصارى المنحرفين قالوا بالحلول في بعض الأشخاص أو في بعض الأماكن عدا من قال منهم بوحدة الوجود، وأنتم تزعمون أن الله في كل مكان، فهل معنى ذلك أن الله ﷾ في السماء وفي الأرض وفي الجبال وفي البحار؟ بل وفيما ينزه الله ﷾ عنه من أماكن القذر والوسخ ونحو ذلك؟! أم أنكم لا تثبتون لله ذاتًا، وكأنكم تقولون: إنه لا يوجد إله، وإنما هو شيء مثل الهواء أو مثل الريح لا حقيقة له؟! وإن أثبتم لله ذاتًا، وهذه الذات متصفة بصفاتها، وأن الله تعالى عليم خبير، فعال لما يريد، على كل شيء قدير، يأخذ الكفار أخذ عزيز مقتدر، خلق السماوات والأرض، فهذه الذات هل يقول قائل: إنها في كل مكان؟! لا شك أن هذا القول ينبت منه الحلول الباطل؛ بل الحلول الذي هو أخبث وأقبح من أقوال النصارى وأقوال بعض الصوفية، وحقيقته في النهاية الانتهاء إلى إنكار وجود الله؛ لأن معنى ذلك أنه ﷾ ليس له ذات متميزة. وإن قالوا: إن الله ﷾ ليست له ذات حقيقة متصفة، كفروا. إذًا: القول بأن الله في كل مكان يقتضي أن الله حال في كل مكان متحد بخلقه، وهذا مما ينزه الله ﷾ عنه أتم التنزيه؛ بل نقول: لما خلق الله ﷾ الخلق، هل خلقهم داخل ذاته أو خارج ذاته؟ إن قلتم خلقهم داخل ذاته فمؤدى ذلك أن يكون الله ﷾ قد حل فيه القاذورات والمخلوقات ونحو ذلك والعياذ بالله! وإن قلتم خلقهم خارج ذاته، فهذا هو الحق، فإن الله ﷾ خلقهم خارج ذاته، كما قال السلف رحمهم الله تعالى: إن الله بائن من خلقه، وإذا كان قد خلقهم خارج ذاته فلابد أن يكون عاليًا عليهم، وهذه لا محيد عنها، ولا يمكن أن يجيبوا بأي جواب يخرج عن هذا. وبهذا استدل الأئمة رحمهم الله تعالى، وبينوا به بطلان مذاهب الحلول؛ لأن مقتضى الحلول عدم تنزيه الله ﷾، أما مذهب السلف رحمهم الله تعالى فهو أن الله ﷾ مستو على العرش بائن من خلقه.

6 / 3