سيبويه، فكانت- بحق- إشراقة فجر التعريف ب (السيرافي) في البيئة العربية اللغوية، حيث اطلع القراء على بعض من شروحه للكتاب عند ما تداولته الأيدي من مطبعة بولاق.
ومع هذه المبادرة المبكرة التي كنا نأمل أن تكون فاتحة للمزيد، إلا أن (شرح السيرافي) لم يحظ بوضوح النهار الذي بدأ فجره الألماني (يان) فاستمرت النسخ المخطوطة لشرح السيرافي حبيسة الأسر والظلمات عشرات السنين، إلى أن تنبهت إليه الأوساط البحثية في الثلث الأخير من القرن العشرين.!!
إلى أن شاءت المقادير أن نتعرض- مرة أخرى- بعد هذه الصحوة المتأخرة، لنعيد قراءة (شرح السيرافي) ندلو بدلونا في هذا المضمار مسترشدين بمحاولات من سبقونا، آملين أن نضيف بعضا مما نراه يسهم في اقتراب النص إلى الكمال، ولله الكمال وحده، وهي غاية البحث والتحقيق أن يصلا بالنص إلى الصورة التامة التي قصدها المؤلف.
السيرافي:
ترجمت له كتب التراجم والطبقات، ولكن أقدم هذه التراجم، ما ورد في كتاب (الفهرست) لابن النديم الذي ألفه عام ٣٧٧ هـ، حيث يقول:
" قال الشيخ أبو أحمد، أمده الله: أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان، وأصله من فارس، مولده ب (سيراف)، وفيها ابتدأ بطلب العلم، وخرج عنها قبل العشرين من عمره، ومضى إلى عمان وتفقه بها، ثم عاد إلى سيراف، ومضى إلى العسكر فأقام بها مدة ولقي محمد بن عمر الصيمري المتكلم، وكان يقدّمه ويفضله على جميع أصحابه، وكان فقيها على مذاهب العلماء العراقيين، وخلف القاضي أبا محمد بن معروف على قضاء الجانب الشرقي، وكان أستاذه في النحو، ثم الجانبين، وكان الكرخي الفقيه يقدمه ويفضله، وعقد له حلقة يفتي فيها، ومولده قبل التسعين، وتوفي في رجب لليلتين خلتا من سنة ثمان وستين وثلاث مائة " (١).
وكتب التراجم والطبقات- على رحابتها- التي ذكرت السيرافي قد تراوحت بين أمرين من حياة الرجل:
_________
(١) كتاب الفهرست، لابن النديم، طبعة فليجل.
1 / 4