Sharh Kitab Al-Jami Li-Ahkam Al-Umrah Wal-Hajj Wal-Ziyarah - Hutaibah
شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة - حطيبة
Géneros
توديع المسافر والدعاء له
يستحب التوديع في السفر، وذلك بأن يسلم المرء على أهله وعلى أصدقائه وأحبابه عند خروجه للسفر، ويدعو بما كان النبي ﷺ يعلمه أصحابه ويدعو به، فهذا عبد الله بن عمر كان إذا أراد أحدهم سفرًا يقول له: ادن مني أودعك كما كان رسول الله ﷺ يودعنا، فيقول: (أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك).
فهنا المسافر مفارق للمقيم والمقيم مفارق للمسافر فيستحب لكل من الاثنين أن يقول للآخر: (أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك)، والمعنى أنك تدعو لصاحبك أن الله ﷿ يحفظه، كأنك تقول: أجعل هذه الأشياء وديعة عند الله سبحانه، والله ﷿ إذا استودع شيئًا حفظه ﷾، فكأنك تدعو له ربه ﷾ أن يحفظ له دينه وأمانته وعمله الصالح، ويديم عليه ذلك، وهو يدعو لك بمثل ذلك أيضًا.
وجاء عن أنس ﵁: (أن رجلًا جاء إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله! إني أريد سفرًا فزودني، فدعا له النبي ﷺ وقال: زودك الله التقوى)، كأنه يطلب من النبي ﷺ النصيحة، فدعا له أن يجعل الله زادك تقواه ﷾، قال: (زدني قال: وغفر ذنبك، قال: زدني بأبي أنت وأمي، -أي: أفديك بأبي وأمي- قال: ويسر لك الخير حيثما كنت).
فهذا دعاء عظيم جميل من النبي ﷺ، فيعود المؤمن نفسه على أن يدعو لإخوانه، وأنت حين تدعو لأخيك يرد عليك الملك فيقول: آمين، ولك بمثله.
فهنا يقول النبي ﷺ لهذا الرجل: (زودك الله التقوى) أي: دعا له بالتقوى، والله ﷿ يحب المتقين، والله مع المتقين ومع المحسنين سبحانه، فإذا كنت من أهل التقوى كان الله معك.
فقال الرجل: (زدني، فقال: وغفر ذنبك) أي: دعا له بالمغفرة لذنبه، قال: (زدني بأبي أنت وأمي! قال: ويسر لك الخير حيثما كنت) أي: دعا له بخير الدنيا والآخرة.
أيضًا جاء عن ابن عمر أن النبي ﷺ قال: (إن الله إذا استودع شيئًا حفظه) أي: إذا جعل شيء عنده سبحانه وديعة فإنه يحفظ هذه الوديعة ولا يضيعها، وكذلك هنا إذا استودعت صاحبك عند الله سبحانه فإنه لا يضيعها، فهو سبحانه يحفظ صاحبك من كل سوء.
1 / 16