شرح كتاب الإيمان الأوسط لابن تيمية - الراجحي
شرح كتاب الإيمان الأوسط لابن تيمية - الراجحي
Géneros
تخذيل المنافقين عن الجهاد
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وسورة الفتح والقتال والحديد والمجادلة والحشر والمنافقين، بل عامة السور المدنية يذكر فيها المنافقين، قال تعالى في سورة آل عمران: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا﴾ [آل عمران:١٥٦] إلى قوله: ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا﴾ [آل عمران:١٦٧] الآيات].
ذكر الله المنافقين في كثير من السور، بل في عامة السور المدنية، منها: سورة الفتح، قال تعالى: ﴿وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ﴾ [الفتح:٦].
ومنها: سورة القتال وتسمى سورة محمد، فقد ذكر الله فيها كثيرًا من صفات المنافقين، قال ﷿: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد:٩].
ومنها: سورة الحديد، قال ﷿: ﴿يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ﴾ [الحديد:١٣].
ومنها: سورة المجادلة، قال سبحانه: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ [المجادلة:١٤].
ومنها: سورة الحشر، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ [الحشر:١١].
وسورة (المنافقون) فهي سورة كاملة باسمهم، قال تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ﴾ [المنافقون:١] إلى آخر السورة.
يقول المؤلف: (بل عامة السور المدنية يذكر فيها المنافقين) بخلاف السور المكية التي نزلت قبل الهجرة ليس للمنافقين فيها ذكر؛ لأن النفاق إنما ظهر بعد الهجرة.
قال الله تعالى في سورة آل عمران: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا﴾ [آل عمران:١٥٦].
نهى الله تعالى المؤمنين أن يتشبهوا بالكفار الذين يقولون لإخوانهم المنافقين: لو كانوا عندنا ولم يحضروا المعركة لما ماتوا ولما قتلوا، فرد الله عليهم بقوله في الآية الأخرى: ﴿قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ﴾ [آل عمران:١٥٤].
ثم قال تعالى: ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لاتَّبَعْنَاكُمْ﴾ [آل عمران:١٦٧] أي: ليعلم الذين نافقوا أن القتال يظهر فيه المؤمن الصادق من المنافق الكاذب.
ثم قال تعالى: ﴿قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لاتَّبَعْنَاكُمْ﴾ [آل عمران:١٦٧] أي: إذا قيل لهم: قاتلوا قالوا: لو كنا نعلم أن هناك قتالًا لاتبعناكم، فرد الله عليهم بقوله: ﴿هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ﴾ [آل عمران:١٦٧] فمن أوصاف النفاق أن القلوب تختلف عن الألسنة، فهم يقولون بأفواههم هذا القول لكن قلوبهم مكذبة لأقوالهم.
4 / 12