شرح كتاب الإيمان الأوسط لابن تيمية - الراجحي
شرح كتاب الإيمان الأوسط لابن تيمية - الراجحي
Géneros
معنى الحمدلة
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [بسم الله الرحمن الرحيم.
﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾ [هود:٨٨].
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستعيذه ونستهديه ونسترشده، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا، ﴿وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾ [الأحزاب:٤٦]، ففتح به أعينًا عميًا، وآذانًا صمًا، وقلوبًا غلفًا، تبصر به من العمى، وأرشد به من الغي، وأنقذ به من الضلالة، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد].
هذه خطبة تسمى خطبة الحاجة، وكثيرًا ما يفتتح بها الإمام ﵀ رسائله وكتبه، وتقرأ هذه الخطبة عند خطبة النكاح وغيرها، فيفتتح بها مثل الكتاب أو الرسالة أو الجمعة، وإن لم تفتتح بها خطبة الجمعة فلا حرج.
يقول: (الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه).
الحمد: هو الثناء على المحمود بصفاته الجميلة الاختيارية، وهو أعلى من المدح، فالمدح: هو الإخبار عن صفات الممدوح، وقد تكون هذه الصفات ليست اختيارية، كما إذا مدحت الأسد بأنه قوي العضلات، هذه صفات له لكنه لم يفعلها باختياره، بخلاف الحمد؛ لأنه الثناء على المحمود بصفات اختيارية، مع حبه وإجلاله وتعظيمه، فالحمد أبلغ من المدح، فالحمد: هو الثناء على المحمود بصفاته الاختيارية مع حبه وإجلاله وتعظيمه.
ولهذا جاء الحمد في الثناء على الرب ﷾: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة:٢] افتتح الله به كتابه العظيم، وقال تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ [الأنعام:١] وقال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا﴾ [الكهف:١].
وجميع أنواع المحامد كلها ملك لله، هو مستحق لها ﷾، فإنه ﷾ هو الكامل في ذاته وصفاته وأفعاله وهو مولي النعم ومسديها، وما بالخلق من نعمة فهي من الله، قال تعالى: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ﴾ [النحل:٥٣].
فلهذا كان ﷾ مستحقًا لجميع أنواع المحامد، وهو المالك لها ﷾.
قوله: (ونستعينه) يعني: نستعين بالله ﷾، أي: نطلب منه العون، والسين والتاء تدل على الطلب، (ونستغفره)، يعني: نطلب منه المغفرة لجميع الذنوب؛ لأن الإنسان محل الخطأ، فهو بحاجة إلى الاستغفار، أي: طلب المغفرة، والمغفرة: هي ستر الذنب ومحوه والعفو عنه والسلامة من شروره في الدنيا والآخرة.
فالمؤلف يقول: نثني على الله ﷾ بجميع أنواع المحامد، ونسأله العون، ونطلب منه أن يغفر ذنوبنا وأن يسترها، وأن يسلمنا من شرها في الدنيا والآخرة.
قوله: (ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا)، يعني: الشرور تأتي من النفس، وتأتي من غير النفس، وكذلك الأعمال تنسب إلى العبد، وهو المباشر لها والكاسب لها، فالأعمال تكون حسنة وتكون سيئة، ولهذا قال: ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
1 / 7