وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ١ مَسْأَلَةٌ فِقْهِيَّةٌ. وَهِيَ مَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: "إنْ حِضْتُمَا حَيْضَةً فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ"، إذْ لا شَكَّ فِي اسْتِحَالَةِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي حَيْضَةٍ، وَتَصْحِيحُ الْكَلامِ هُنَا إمَّا بِدَعْوَى زِيَادَةِ لَفْظِ٢ "حَيْضَةٍ" فَكَأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى "إنْ٣ حِضْتُمَا"، وَإِمَّا بِدَعْوَى الإِضْمَارِ. وَتَقْدِيرُهُ: "إنْ حَاضَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا حَيْضَةً".
وَفِي الْمَسْأَلَةِ لأَصْحَابِنَا أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: سُلُوكُ الزِّيَادَةِ، وَيَصِيرُ التَّقْدِيرُ: "إنْ حِضْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ"، فَإِذَا طَعَنَتَا٤ فِي الْحَيْضِ طَلَقَتَا. وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: سُلُوكُ النَّقْصِ، - وَهُوَ الإِضْمَارُ-، فَلا تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا حَتَّى تَحِيضَ كُلُّ وَاحِدَةٍ حَيْضَةً، وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ كَمَا تَقَدَّمَ: "إنْ حَاضَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا حَيْضَةً فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ". نَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى: ﴿فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ ٥ ٦ أَيْ اجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا٧ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ٦ وَهُوَ قَوْلُ الْمُوَفَّقِ، وَالْمَجْدِ وَالشَّارِحِ وَابْنِ حَمْدَانَ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْقَاعِدَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: يُطَلَّقَانِ بِحَيْضَةٍ مِنْ إحْدَاهُمَا، لأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ وُجُودُ الْفِعْلِ مِنْهُمَا وَجَبَ إضَافَتُهُ إلَى إحْدَاهُمَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ
١ في ش: هذا.
٢ ف ش: لفظة.
٣ ساقطة من ش.
٤ في ش: أخذتا.
٥ الآية ٤ من النور.
٦ ساقطة من ش.
٧ في ز ض: منهم.