لأَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ عَلاقَةٌ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ لَكَانَ الْوَضْعُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَعْنَى الثَّانِي أَوَّلَ١. فَيَكُونُ حَقِيقَةً فِيهِمَا٢، وَتُعْتَبَرُ فِي اصْطِلاحِ التَّخَاطُبِ بِحَسَبِ النَّوْعِ.
وَهِيَ - بِفَتْحِ الْعَيْنِ- عَلَى الأَصْلِ فِي الْمَعَانِي، - وَبِكَسْرِهَا- عَلَى التَّشْبِيهِ بِالأَجْسَامِ مِنْ عَلاقَةِ السَّوْطِ.
"وَلا يُعْتَبَرُ لزومٌ٣ ذِهْنِيٌّ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ" فَإِنَّ أَكْثَرَ الْمَجَازَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ عَارِيَّةٌ عَنْ اللُّزُومِ الذِّهْنِيِّ.
"وَصِيرَ إلَيْهِ" أَيْ إلَى الْمَجَازِ "لِبَلاغَتِهِ" أَيْ بَلاغَةِ الْمَجَازِ. كَصَلاحِيَتِهِ لِلسَّجْعِ وَالتَّجْنِيسِ وَنَحْوِهِمَا٤، أَوْ "ثِقَلِهَا" عَلَى اللِّسَانِ، كَالْعُدُولِ عَنْ لَفْظِ الْخَنْفَقِيقِ٥ - بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْفَاءِ، وَكَسْرِ
١ في ع: أولى.
٢ ويكون اللفظ مشتركًا لا مجازًا. "الآمدي ١/ ٢٩" وقال في الطرز: "لأنّا إذا قلنا أسد، ونريد به الرجل الشجاع، فإنه مجاز، لأنه أفاد معنى غير مصطلح عليه في الوضع الذي وقع فيه التخاطب، والخطاب إنما هو خطاب أهل اللغة.. وهو غير مفيد لما وضع له أولًا، فإنه وضع أولًا بإزاء حقيقة الحيوان المخصوص. وقولنا لعلاقة بينهما، لأنه لولا توهم كون الرجل بمنزلة الأسد في الشجاعة، لم يكن إطلاق اللفظ عليه مجازًا، بل كان وضعًا مستقلًا". "الطراز ١/ ٦٤".
٣ في ش: لازم.
٤ قال في الطرز "٢/٨": "اعلم أن أرباب البلاغة وجهابذة أهل الصناعة مطبقون على أن المجاز في الاستعمال أبلغ من الحقيقة، وأنه يلطف الكلام ويكسبه حلاوة ويكسوه رشاقة. والعَلَمُ فيه قوله تعالى: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ﴾ وقوله: ﴿وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾ فلو استعمل الحقائق في هذه المواضع لم تعط ما أعطى المجاز من البلاغة ... ". وانظر المحلي على جمع الجوامع ١/ ٣٠٩ وما بعدها.
٥ في ش: الخنفقين.