فإذا قال قائل: "كاد زيد يبكي"، فمعناه: قارب زيد البكاء، فالمقاربة ثابتة، ونفس البكاء منتف.
فإذا قال: "لم يكد يبكي" فمعناه: لم يقارب البكاء، فمقاربة البكاء منتفية، ونفس البكاء منتف انتفاء أبعد من انتفائه عند ثبوت المقاربة.
ولهذا كان قول ذي الرمة:
إذا غير النأي المحبين لم يكد ... رسيس الهوى من حب مية يبرح
صحيحًا بليغًا؛ لأن معناه: إذا تغير حب كل محب لم يقارب حبي التغير، وإذا لم يقارب حبي التغير، وإذا لم يقاربه فهو بعيد منه.
فهذا أبلغ من أن يقول: لم يبرح؛ لأنه قد يكون غير بارح، وهو قريب من البراح، بخلاف المخبر عنه بنفي مقاربه البراح.
وكذا قوله تعالى: ﴿إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا﴾ (١) هو أبلغ في نفي الرؤية من لم يرها؛ لأن من لم ير قد يقارب الرؤية، بخلاف من لم ير ولم يقارب.
وأما قوله تعالى: ﴿فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾، فكلام يتضمن كلامين مضمون كل واحد منهما في وقت غير وقت الآخر.
والتقدير: فذبحوها بعد أن كانوا بعداء من ذبحها غير مقاربين له. وهذا واضح.
٤ - التنبيه على اللغات الواردة في بعض الكلمات:
إذا وردت الكلمة عن العرب في أكثر من صورة نبه المصنف على اللغات الواردة فيها كقوله يتحدث عن "الذي" و"التي" (٢):