قوله: «ستفترق أمتي ... الخ»:_هذا من أعلام النبوءة أيضا، فإنه أخبر عن شيء من الغيب فوقع مشاهدا، فإن افتراق الأمة قد كان ما وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثلاث وسبعين فرقة، فعشرون منها في المرجئة، وأربع وعشرون في الشيعة واثنتا عشرة في المعتزلة، وسبع عشرة في المحكمة، وقيل: تفصيلهم غير ذلك، وحديث تفرق الأمة أخرجه أبو داود والترمذي، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه عن أبي هريرة رفعه: "افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، والنصارى كذلك، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلهم في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله، قال: ما أنا عليه وأصحابي"، وهو عند ابن حبان <01/68> والحاكم في صحيحيهما بنحوه، وقال الحاكم: أنه حديث كبير في الأصول، وقد روي عن سعد ابن أبي وقاص وابن عمرو وعوف بن مالك، قال السخاوي: وعن أنس وجابر وأبي أمامة وابن مسعود وعلي وعمر وابن عوف وعويمر أبي الدرداء ومعاوية وواثلة.
قوله: «كلهم إلى النار»: أي: يصيرون إليها والعياذ بالله، وذلك لخلاف الحق الذي أوجب الله عليهم اتباعه، ومن ترك الواجب القطعي هلك لأن الله تعالى قد توعد على خلاف الحق، وأوجب على ذلك النار والعياذ بالله، وهذه الفرق الضالة قد خالفت الحق من أبواب شتى، وقد يوافق بعضها في شيء ويخالف في غيره، {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذالك خلقهم}[هود: 118-119].
Página 73