قوله: «وما خالفه فليس عني»: وكيف يخالف كتاب الله وبه هداه ربه، وهذا قانون يعرف به مقبول الأخبار من مردودها، فمن تمسك بظاهر كتاب الله عند اختلاف الأمة في حكم أو خبر فقد تمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها وأخذ بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، وقد تقدم أن الحديث في ما اختلفت فيه الأمة، وأن ما اتفقت عليه لا يحتاج إلى العرض، فالمعروض ما جاءنا عنه من الأخبار المختلف في ثبوتها، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حكم بأن ما خالف كتاب الله منها فليس عنه، وذلك لأنه توفي عليه الصلاة والسلام والدين كامل والنعمة بالإسلام تامة وقد علم الناسخ والمنسوخ والعام والخاص واستقرت الشريعة واستبان الحق فما جاءنا بعد ذلك عرضناه على المعلوم المستقر في زمانه من كتاب الله وسننه، فإن وافق قبلناه، كما جاء في رواية أخرى: "فاعرضوه على كتاب الله وسنتي"، ولا منافاة بين الحديثين؛ لأن المعروض على سنته المستقرة في زمانه معروض على كتاب الله لأن الكتاب هو الذي أثبت تلك السنة بقوله: {ومآ ءاتاكم الرسول فخذوه}[الحشر: 07].
Página 72