قوله: «والنحل ما فوق الأربعين»: يعنى أن ما بعد أربعين آية من أولها كله مدني، وقيل: إنها مكية إلا قوله تعالى: {وإن عاقبتم} ... الخ [النحل: 126]،فإنها نزلت بالمدينة في قتل حمزة، وروي هذا أيضا عن ابن عباس، وفي رواية أخرى عنه أنها مكية غير ثلاث آيات نزلت بالمدينة، وهي قوله تعالى: {ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا}[النحل: 95]، إلى قوله: {تعملون}[النحل: 95]، وقال قتادة: هي مكية إلا خمس آيات وهي قوله تعالى: {والذين هاجروا في الله منم بعد ما ظلموا}[النحل: 41]، وقوله: ثم إن ربك للذين هاجروا منم بعد ما فتنوا}[النحل:110]، وقوله: {وإن عاقبتم}[النحل: 126]، إلى آخر السورة، وزاد مقاتل قوله: {من كفر بالله منم بعد إيمانه}[ النحل: 106] الآية، {وضرب الله مثلا قرية كانت امنة مطمئنة}[النحل: 112] الآية، وحكى الأصم عن بعضهم أنها كلها مدنية.
قوله: «والحج مدنية إلا أربع آيات ... الخ»: حكي هذا القول أيضا عن قتادة نفسه، وروي عن ابن عباس أيضا أنها مدنية ولم يستثن شيئا، وبه قال الضحاك، وقيل: إنها مكية إلا: {ومن الناس من يعبد الله}[الحج: 11] الآيتين أو إلا: {هذان خصمان}[الحج: 19] الست آيات فمدنيات، ونسب القول بأنها مكية لابن عباس أيضا ومجاهد، وعد النقاش ما نزل منها بالمدينة عشر آيات، وقال الجمهور: السورة مختلطة منها مكي ومنها مدني، وصححه بعضهم لاقتضاء الآيات ذلك لأن: {يآ أيها الناس}[الحج: 73] مكي و{يآ أيها الذين ءامنوا} مدني، قال بعضهم: وهي من أعاجيب السور نزلت ليلا ونهارا، أو سفرا أوحضرا، مكيا ومدنيا، سلميا وحربيا، ناسخا ومنسوخا، محكما ومتشابها.
Página 38