وإن كان يعني «بالعروق» العروق غير الضوارب فتعرف ما بينها من المشاركة وبين الأعضاء التي فيها العلة عظيم المنفعة جدا كما قد بينت في الأقاويل التي وصفت فيها أمر فصد العروق. وإن كان يعني «بالعروق» العروق الضوارب ثم كان بحثنا عن أمر المشاركة فيها بسبب فصدها فإن ذلك أمر نافع. وإن كان بسبب تقدمة المعرفة من النبض فكأنه ليس يحتاج إلى البحث عن ذلك كبير حاجة لأن العروق كلها تنبض على مثال واحد إلا أن يعرض في بعضها خلاف من قبل خلقة طبيعته. إلا أنه إن عرض في مرض من الأمراض أن يخالف نبض عرق من عروق صاحبه نبض عرق آخر من عروقه فإنه ينبغي حينئذ أن تبحث عن المشاركة التي فيما بين الأعضاء وبين ذلك العرق أو العروق التي خالف نبضها نبض سائر العروق.
قال حنين: إني وجدت في هذا الموضع أيضا من الكتاب اليوناني الذي ترجمته منه نقصان قول من أقاويل أبقراط يتلو قوله المتقدم وبعض تفسير جالينوس فيه فوضعت ذلك القول الناقص من كلام أبقراط وأضفت إليه من التفسير ما ظننت أن يشاكل مذهب جالينوس في تفسيره له ويتصل به.
[chapter 40]
قال أبقراط: الفتوق التي تكون في المراق ما كان منها نحو العانة فهي في أكثر الأمر لا يلحقها ضرر في أول الأمر وما كان منها فوق السرة قليلا في الجانب الأيمن فإنها مؤلمة تورث كربا وقيء الرجيع كالذي عرض لفطاقوس. وذلك يكون إما من ضربة وإما من جذبة وإما من وثبة آخر عليه. قال حنين : إن أبقراط يعني «بالمراق» في هذا الموضع الغشاء الممدود على البطن كله الذي يسميه اليونانيون «باريطوناون» وما كان من «الفتوق» العارضة في هذا الحجاب «فوق السرة قليلا» «فإنه مؤلم يورث كربا وقيء الرجيع». وذلك واجب من قبل أن الأمعاء الرقاق في ذلك الموضع. وتلك الأمعاء أضيق ومن قبل ذلك هي أحرى أن تحتبس فضول الطعام إن بدرت من فتق ذلك الغشاء وذلك إذا كان عرضت «الأوجاع والكرب وقيء الرجيع». وقال إن ذلك خاصة يعرض متى كان الفتق «في الجانب الأيمن» لأن هناك موضع المعاء المعروف «بالأعور» وجزء أيضا من المعاء الذي يقال له «قولن». فأما الفتق الذي يكون من أسفل «نحو العانة» في موضع الأمعاء الغلاظ التي هي أوسع فهو أقل ضررا في أول الأمر وإنما استثنى فقال «في أول الأمر» لأنها بأخرة تصير أردأ ولا تزال دائما في تزيد من الاتساع.
Página 188