وضرب لذلك مثلا من شيء حدث في زمانه وهو أن بنت أخت تامانيوس أصابها مرض شديد فاندفعت مادة المرض إلى إصبع من أصابعها يعني من أصابع القدم وكان الفضل فيها قد مال إلى أقصى موضع من أسافل البدن وأبعد موضع من الأعضاء الشريفة التي كانت العلة فيها. وخليق أن يكون كان ذلك في الوقت الذي كان ينبغي أن يكون فيه ولم يكن ينقصه شيء إلا أن العضو الذي مال إليه الفضل المؤذي لم يكن يسعه ولذلك عاد فرجع إلى موضعه الأول فحدث الموت بسبب ذلك لأن الإصبع إذ كانت عضوا واحدا صغيرا لم تكن محتملة لقبول الأخلاط التي اندفعت إليها مع كثرتها.
[chapter 30]
قال أبقراط: الخروج يكون إما بالعروق وإما بالبطن وإما بالعصب وإما بالجلد وإما بالعظام وإما بالنخاع وإما بسائر المجاري: الفم والفرج والثديين والمنخرين والرحم. والذي يولد لثمانية أشهر يكون بحرانه كأنه للغد ويكون في القطن وفي الفخذ وفي الأنثيين.
قال جالينوس: إن هذا القول أيضا يدل دلالة بينة واضحة على أن هذه المقالة لم تجعل كتابا يقرؤه الناس وإنما جعلت تذكرة. ومما يدل على ذلك أنه كرر أشياء قد ذكرها قبيل وليس بينها وبين تلك إلا خلاف يسير في المثالات الجزئية. ومع ذلك أيضا أن بعض ما وصفه من تلك المثالات غامض جدا مثل الكلام الذي أتبع به ذكره «للرحم» حين قال: «والذي يولد لثمانية أشهر» أو «في الذي يولد لثمانية أشهر» فإن هذا الكلام قد يكتب على هذين الوجهين وهو كلام غامض جدا مستغلق ولذلك فسر بأصناف شتى من التفاسير كما يفسر اللغز.
Página 154