377

El Esclarecimiento en las Ciencias de la Retórica

الإيضاح في علوم البلاغة

Editor

محمد عبد المنعم خفاجي

Editorial

دار الجيل - بيروت

Edición

الثالثة

على الفاعل إذا كان الغرض معرفة وقوع الفعل على من وقع عليه لا وقوعه ممن وقع منه، كما إذا خرج رجل على السلطان وعاث في البلاد وكثر منه الأذى فقتل وأردت أن تخبر بقتله فتقول "قتل الخارجي فلان"، إذ ليس للناس فائدة في أن يعرفوا قاتله وإنما الذي يريدون علمه هو وقوع القتل به ليخلصوا من شره، ويقدم الفاعل على المفعول إذا كان الغرض معرفة وقوع الفعل ممن وقع منه لا وقوعه على من وقع عليه كما إذا كان رجل ليس له بأس ولا يقدر فيه أن يقتل فقتل رجلا وأردت أن تخبر بذلك فتقول: "قتل فلان رجلا" بتقديم القاتل؛ لأن الذي يعني الناس من شأن هذا القتل ندوره وبعده من الظن ومعلوم أنه لم يكن نادرا ولا بعيدا من حيث كان واقعا على من وقع عليه بل من حيث كان واقعا ممن وقع منه. وعليه قوله تعالى: {ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم} ، قدم المخاطبين في الأولى دون الثانية؛ لأن الخطاب في الأولى للفقراء بدليل قوله تعالى من إملاق فكان رزقهم أهم عندهم من رزق أولادهم، فقدم الوعد برزقهم على الوعد برزق أولادهم، والخطاب في الثانية للأغنياء بدليل قوله خشية إملاق فإن الخشية إنما تكون مما لم يقع. فكان رزق أولادهم هو هو المطلوب دون رزقهم؛ لأنه حاصل، فكان أهم، فقدم الوعد برزق أولادهم على الوعد برزقهم.

وإما؛ لأن في التأخير إخلالا:

ببيان المعنى كقوله تعالى: {وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه} ، فإنه لو أخر {من آل فرعون} عن {يكتم إيمانه} لتوهم أن "من" متعلقة ب {يكتم} ، فلم يفهم أن الرجل من آل فرعون1.

Página 167