الشرح، وقد كان ظن الدارسين لشرحي المرزوقي والتبريزي أن مواضع الاختلاف هذه إنما هي من عمل التبريزي، غير أن الذي يقرأ هذا الشرح يتضح له غير ذلك، ولقد قمنا بإحصاء للمواضع التي التقى فيها التبريزي مع المصنف بعيدًا عن شرح المرزوقي فبلغت حسب الإحصاء ثلاثة وثلاثين ومائة موضع، وربما تجاوز الأمر هذا العدد لأن المرء مهما كان دقيقًا فإنه لا يسلم من أن يفوت عليه شيء.
وجعله القول في هذا الجانب أن هذا الشرح ليس مختصرًا من شرح المرزوقي كما توهم ناسخه، ولا كان صاحبه معتمدًا فيه على المرزوقي، كما ذهب الدكتور عسيلان، غير أنه يبقى سؤال هل نسبة هذا الشرح إلى زيد بن علي الفارسي صحيحة كما جاء في تصحيح أحد الفضلاء في الورقة الأولى منها؟ .
وللإجابة نقول: أنه ما من شك في أن الشرح ليس فيه ما ينص على أنه لزيد بن علي سوى هذه الإشارة، التي جاءت في الورقة الأولى، كما أنه ليس في الشرح ما يمكن أن يعتمد عليه في نفي هذه النسبة بل على العكس، أننا نجد عوامل عدة ترجح هذه النسبة، أحدها أن هذا الفاضل الذي صحح خطأ هذا الناسخ، ونسب الكتاب غلى زيد بن علي ليس من عامة الناس، فعبارته تدل على أنه من أهل العلم المطلعين على الكتب فهو يقول بعد أن أثبت نسبة الشرح إلى زيد بن علي: "قال ابن عساكر في تاريخ دمشق وابن العديم في تاريخ حلب: كان عارفًا بعلوم كثيرة اضلا بعلم اللغة والنحو" وهي عبارة سبق أن أشرنا إلى أنها وردت في مختصر ابن عساكر، كما وردت بنصها في بغية الوعاة للإمام السيوطي، ولا شك أن رجلًا مثل هذا لا يصحح خطأ بخطأ، فأغلب الظن أنه رأى نسخة من هذا الشرح صحيحة النسبة إلى زيد بن علي فبنى عليها هذا التصحيح. وثاني هذه العوامل أن جميع المراجع التي ترجمت لزيد بن علي أثبتت أنه شرح الحماسة، فياقوت الحموي في معجم الأدباء، والقفطي في انباه الرواة وابن عساكر في تاريخ دمشق،
2 / 30