Explicación del Hadiz del Descenso
شرح حديث النزول
Editorial
المكتب الإسلامي،بيروت
Número de edición
الخامسة
Año de publicación
١٣٩٧هـ/١٩٧٧م
Ubicación del editor
لبنان
بعد مرارته، بعد أن لم يكن كذلك. وهذه حركات واستحالات وانتقالات، وإن لم يكن في ذلك انتقال جسم من حيز إلى حيز. وكذلك الجسم الدائر في موضع واحد كالدولاب والفلك هو بجملته لا يخرج من حيزه، وإن لم يزل متحركا. وهذه الحركات كلها في الأجسام، وأما في الأرواح فالنفس تنتقل من بغض إلى حب، ومن سخط إلى رضا. ومن كراهة إلى إرادة، ومن جهل إلى علم، ويجد الإنسان من حركات نفسه وانتقالاتها وصعودها ونزولها ما يجده. وذلك من جنس آخر غير جنس حركات بدنه.
وإذا عرف هذا؛ فإن للملائكة من ذلك ما يليق بهم، وإن ما يوصف به الرب ﵎ هو أكمل وأعلى وأتم من هذا كله، وحينئذ فإذا قال السلف والأئمة - كحماد بن زيد، وإسحاق بن راهويه، وغيرهما من أئمة أهل السنة - أنه ينزل ولا يخلو منه العرش، لم يجز أن يقال: إن ذلك ممتنع، بل إذا كان المخلوق يوصف من ذلك بما يستحيل من مخلوق آخر، فالروح توصف من ذلك بما يستحيل اتصاف البدن به، كان جواز ذلك في حق الرب ﵎ أولى من جوازه من المخلوق كأرواح الآدميين والملائكة.
ومن ظن أن ما يوصف به الرب ﷿ لا يكون إلا مثل ما توصف به أبدان بني آدم، فغلطه أعظم من غلط من ظن أن ما توصف به الروح مثل ما توصف به الأبدان.
وأصل هذا: أن قربه - سبحانه - ودنوه من بعض مخلوقاته، لا يستلزم أن تخلو ذاته من فوق العرش، بل هو فوق العرش، ويقرب من خلقه كيف شاء، كما قال ذلك من قاله من السلف، وهذا كقربه إلى موسى لما كلمه من الشجرة، قال تعالى: ﴿إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى
1 / 99