Explicación del Hadiz del Descenso

Ibn Taimiyya d. 728 AH
17

Explicación del Hadiz del Descenso

شرح حديث النزول

Editorial

المكتب الإسلامي

Número de edición

الخامسة

Año de publicación

1397 AH

Ubicación del editor

بيروت

وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [البقرة: ٢١٣]، وقد كان النبي ﷺ يقول إذا قام من الليل - ما رواه مسلم في صحيحه ـ: " اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ". فصل وتمام الكلام في هذا الباب: أنك تعلم أنا لا نعلم ما غاب عنا إلا بمعرفة ما شهدناه، فنحن نعرف أشياء بحسنا الظاهر أو الباطن، وتلك معرفة معينة مخصوصة، ثم إنا بعقولنا نعتبر الغائب بالشاهد، فيبقى في أذهاننا قضايا عامة كلية، ثم إذا خوطبنا بوصف ما غاب عنا لم نفهم ما قيل لنا إلا بمعرفة المشهود لنا. فلولا أنا نشهد من أنفسنا جوعًا وعطشًا، وشبعًا ورِيّا وحبًا وبغضًا، ولذة وألمًا ورِضًا وسخطًا، لم نعرف حقيقة ما نخاطب به إذا وصف لنا ذلك، وأخبرنا به عن غيرنا. وكذلك لو لم نعلم ما في الشاهد؛ حياة وقدرة، وعلمًا وكلامًا، لم نفهم ما نخاطب به إذا وصف الغائب عنا بذلك. وكذلك لو لم نشهد موجودًا، لم نعرف وجود الغائب عنا، فلابد فيما شهدناه وما غاب عنا من قدر مشترك هو مسمى اللفظ المتواطئ. فبهذه الموافقة والمشاركة والمشابهة والمواطأة نفهم الغائب ونثبته، وهذا خاصة العقل. ولولا ذلك لم نعلم إلا ما نحسه، ولم نعلم أمورًا عامة ولا أمورًا غائبة عن أحاسيسنا الظاهرة والباطنة؛ ولهذا من لم يحس الشيء ولا نظيره لم يعرف حقيقته.

1 / 20