Explicación sobre los Capítulos de Hipócrates
شرح فصول أبقراط
Géneros
استدلال أبقراط بضعف الحمى على ضعف الحرارة الغريزية: قد * اختلف (1169) * الأطباء (1170) العلماء في تنزيله. فقال القائلون بالحرارة الفلكية؛ وذلك لوجهين. أحدهما أن المادة إذا كانت أبطأ استعدادا على ما عرفت، كان انفعالها من الكيفية الواردة عليها انفعالأ ضعيفا. ولا شك أن مادة الشيخ كذلكك. وذلك لضعف الحار الغريزي في بدنه على ما بينا في شرحتنا في الفصل الذي قبل هذا. وثانيهما أن أي مادة استولت عليها كيفية ما، فإنها تجعل قوامها وطبيعتها مستعدة لما يناسبها، ولذلك صار الحطب المسخن بالنار أو بالشمس أسرع اشتغالا في النار PageVW5P028B مما لم يفعل به كذلك. وقد علم أن حرارة الشاب أقوى من حرارة الشيخ فمادة الشاب عند وروده المناسب لها تكون استحالتها إليها أتم وأسرع من انفعال مادة الشيخ. فلذلك كانت الحمى في بدن الشيخ أضعف مما هي في بدن الشاب. وقال جالينوس وشيعته وذلك لأن البدنن في آخر * عمره (1171) يضعف تركيبه ويقارب الانحلال * وعند (1172) ذلك يبادر إلى الانحلال القابل * له (1173) لا سيما متى انضاف إلى ذلك وجود المنافي مثل رطوبات غريبة ومواد نية PageVW1P009A . وبدن الشيخ لا شك أنه * كذلك في (1174) آخر عمره. قالوا: * فلذلك (1175) تكون حرارته الاستقصية ضعيفة فتكون الحمى * الحاصلة (1176) له ضعيفة. وقال محمد بن زكريا الرازي: وذلك لأن الحرارة الغريزية هي * تعينها (1177) الحرارة الغريبة لكنها تخالفها بالإضافة على ما عرفت. ولا شك أن الحرارة الغريزية في بدن الشيخ ضعيفة لما ذكرنا. فلذلك تكون الحمى في بدن * الشيخ (1178) ضعيفة وفي بدن الشاب قوية. وقد عرفت فساد هذا. وقال ابن أبي صادق: وذلك لأن الموضوع لها موضوع واحد فبحسب ما يوجد مستعدا لقبول الواحد * منهما (1179) يقبله. ولا شك أن الموضوع في بدن الشيخ للحرارة الغريبة ضعيف الاستعداد لقبولها وذلك لضعف الحرارة الغريزية. فلذلك تكون الحمى ضعيفة. وهذا كلام ضعيف. وذلك لأن موضوع الحرارة الغريزية الرطوبات الغريزية وموضوع الحرارة الغريبة الرطوبات الغريبة. وكيف لا تكون كذلك والغريزية موجبة لقوة القوى ولصدور الأفعال مع سلامتها وتلك موجبة لإضداد ذلك. وأيضا فإن الماهية غير الماهية فيكون الموضوع لأحدهما غير الموضوع للآخر، غير أنه لقائل أن يقول إن الحار * الغريزي (1180) على جميع التقادير هو * الحامى (1181) للبدن والحافظ لرطوباته ولتركيبه والحافظ للشيء كلما كان أقوى، كان دفعه للمؤذي الغريب أبلغ. وكلما كان أضعف، كان دفعه له دون ذلك. وحينئذ يقوى آثار الغريب. * وإذ كان كذلك. فيجب أن يكون أعراض الحمى في بدن الشيخ وآثارها فيه أقوى مما هي في بدن الشاب، وذلك (1182) مناف للوجود. ولكلام الإمام أبقراط فنقول الجواب عن هذا ما ذكرنا وهو أن العلة في ذلك عدم استعداد المادة للانفعال من الكيفية الغريبة المناسبة. فإن عاد المعترض وقال: الحرارة الغريزية على هذا التقدير لا تكون محامية بل معينة على جلب الآفة وقوتها * إذ (1183) كانت معدة لسرعة الانفعال من المناسب. فنقول: الكيفية المذكورة باعتبار محاميه عن البدن وباعتبار معينه على جلب الآفة وقوتها، لكن من وجهين مختلفين لا من وجه واحد. أما الأول فمن جهة تقوية القوة وإعانتها على تحصيل كمالات البدن من جلب النافع ودفع الضار. وأما الثاني فمن جهة إعداد المادة للانفعال من المناسب. فإن الاستحالة من الجنس المناسب أسهل * منه (1184) من غير المناسب. ولذلك لما كان حال الشباب PageVW5P029A في الحرارة الغريزية على ما ذكرنا كانت حمايتهم قصيرة المدة شديدة الأعراض. فإنه بالنظر إلى الأول يحصل القصر. وبالنظر إلى الثاني يحصل شدة الأعراض وقوتها. والمشائخ لما كان حالهمم في الكيفية المذكور على ما ذكرنا، كانت حمايتهم ظويلة المدة ضعيفة الأعراض * لأنه (1185) بالنظر إلى الأول يحصل ظول المدة وبالنظر إلى الثاني يحصل ضعف الأعراض.
البحث الرابع
في بيان أن الماهية * للحرارة (1186) الفلكية المعبر عنها بالغريزية مباين بالنوع لماهية الحرارة النارية الاستقصية. ويدل على هذا وجوه أربعة بعد أنه ؤيجب أن يعلم أن اختلاف الآثار دليل على اختلاف المؤثرات. أحدها أن الحرارة الفلكية نراها * عند (1187) اشتدادها وقوتها تسرع إدراك الثمار ونضجها. ولذلك صار يسرع ذلك منها في البلدان الحارة على * البلدان (1188) الباردة وفي سنة يكون صيفها قوي الحر بالنسبة إلى سنة يكون صيفها قليل الحر. وأما الحرارة النارية فإنا نراها عندما يستولي * عليها (1189) ذلك تشيطه ثم يحترق. وثانيها أنا نرى القصار عند غسله لقماشه * وتعريضه (1190) إياه لحرارة الشمس يبيض القماش بياضا ساطعا لا سيما عند اشتداد الحر. وأما وجه القصار فإنه يسود بخلاف حرارة النار. * فإنها (1191) عندما تستولي على الجسمين تسودهما. وثالثها أنا نرى صاحب الألم المعروف عند الأطباء بالغشي * يبصر (1192) في ضوء الشمس ولا * يبصر (1193) في ضوء النار البتة. ورابعها * أنا (1194) إذا سخنا ما * يبين (1195) بحرارة الشمس وحرارة النار وكان كل واحد منهما في غايته، فإنا نرى الماء المسخن بالنار يبلغ إلى أن يحرق اليد بخلاف الماء المسخن بالشمس. بل لعل البشرة تستلذ به. فثبت أن ماهية الحرارة الغريزية مباينة بالنوع لماهية الحرارة الاستقصية. ومنه يعلم فساد ما ذهب إليه الرازي وابن أبي صادق. فالحرارة المذكورة تفاض على البدن مع فيضان نفسه الناطقة وأول تعلقها بالروح * المتكونة (1196) في القلب فإنه أول عضو * يتكون (1197) على ما سنوضحه في * أول (1198) المقالة الرابعة * من هذا الكتاب (1199) ، ثم بواسطة هذه الروح تثبت في جملة البدن. وحينئذ يدبر البدن الصحيح في نضج ما هو محتاج إلى نضجه ودفع فضلاته وإخلاف عوض ما يتحلل منه * والزيادة (1200) في نموه ولا يزيد بزيادة حرارته دواء ولا غذاء ولا يقوم مقامها شيء. ولو قام مقامها شيء، لأمكن PageVW1P009B أن يتلافى الإنسان أمرها * ويحفظها (1201) بالأغذية والأدوية المفرجة ويبقى دهرا طويلا من غير أن يهرم ولا يموت. وحفظ هذه الحرارة في البدن من التحلل بما يورد على البدن من * جهة (1202) الأغذية والأشياء المفرجة * لا لأنها (1203) تزيد فيها * نفسها (1204) بل بمعنى أنها لسرعة تغذيتها وجودة ما يتولد منها وقلة فضلاتها لا يحوج الطبيعة المدبرة للبدن إلى كلفة كثيرة في إحالتها ودفع فضلاتها. وأيضا فإنها تخلف على البدن عوض ما يتحلل منه على أتم وجه وأكمله فتخفظ قواه بحسب الإمكان إلى حين يستولي PageVW5P029B عليه الجفاف الطبيعي الذي لا يمكن دفعه على ما عرفت فيما تقدم. وكيف يزيد اللحوم، وإن كانت فاضلة في الحرارة الغريزية، وحرارة الحيوان الغريزية قد فارقته بمفارقة نفسه وبتقدير * أنها (1205) لا تفارقه فإنها مباينة للحرارة الغريزية التي في بدن الإنسان لأن البدن غير البدن والنفس غير النفس. فتكون العلاقة والواسطة غير العلاقة والواسطة. وأما الأغذية النباتية فإنها دون الحيوانية الفاضلة في * الفضيلة (1206) وجودة التغذية لبعدها عن مناسبة البدن. فلذلك كانت تغذيتها للبدن دون تغذية تلك. * فكانت (1207) زيادتها في الحرارة الغريزية بمعنى ما ذكرناه زيادة يسيرة، والله أعلم.
البحث الخامس
في ذكر مذاهب الأقدمين في * حرارتي (1208) الحدث والشاب. هذه المذاهب قد ذكرها الفاضل جالينوس في المقالة الثالثة من كتاب المزاج. ولنذكر نحن ذلك على أحسن وجه وأتمه. فنقول: * اختلف (1209) الأقدمون في ذلك. فذهب قوم إلى أن * حرارة (1210) الحدث أكثر من حرارة الشاب. وذهب قوم إلى أنها في الشباب أكثر. وذهب * الفاضل (1211) جالينوس إلى أنها * في الشباب والأحداث (1212) متساوية. * وأما الفريق الأول (1213) تمسكوا بوجوه أربعة. أحدها أن أبدان الأحداث نامية وكل بدن نامي فحرارته كثيرة. فحرارة الأحداث كثيرة. أما المقدمة الأولى فهي * ظاهرة (1214) . وأمأ الثانية فيدل على صحتها وجهان. أحدهما أن النمو إنما يتم بزيادة الوارد حتى يخلف عوض المتحلل ويزيد في مادة النمو وزيادة الوارد موقوفة اعلى قوة الهضم الموقوف على كثرة الحرارة. وثانيهما أن النمو إنما يحصل بتمديد الأعضاء طولا وعرضا وعمقا. وذلك إنما يتم بقوة الآلة للقوة النامية. وتلك هي الحرارة الغريزية. وثانيها أن الأفعال الطبيعية في الأحداث على أتم وجه وأكمله. وذلك مثل شهوة الطعام وهضمه وإحالته وكل من كان فيه هذه الأمور على ما ذكرننا فهو أكثر حرارة، * فالأحداث (1215) أكثر حرارة. أما المقدمة الأولى فيدل على صحتها أن الأحداث * محتاجون (1216) إلى وارد متوفر ليختلف على أبدانهم عوض * ما يتحلل (1217) ويزيد في الأجزاء النامية. ولا شك أنه لو قصر الهضم والشهوة فيهم، لذبلت أبدانهم وضمرت. ولما كان حالهم كذلك حكم * الأوحد (1218) أبقراط في الفصل المتقدم بقلة احتمالهم للصوم. وأمأ المقدمة الثانية فيدل على صحتها أن الحرارة الغريزية آلة لجميع القوى في تمام أفعالها لا سيما للقوى الطبيعية. فإن حاجتها إليها أشد من حاجة جميع القوى على ما * أوضحناه (1219) في شرحنا لكليات القانون. ولا شك أن الأفعال المذكورة أفعال الطبيعية. وإذا صح ما * قلنا (1220) ، فالحرارة الغريزية في الأحداث كثيرة. وثالثها أن الحرارة الغريزية في الأحداث المستفادة فيهم من المني أجمع وأحدث. وكل من كان كذلك فحرارته أكثر، فحرارة الحدث أكثر. أما اتلمقدمة الأولى فهي * ظاهرة (1221) . PageVW5P030A وذلك لأن الأحداث أقرب إلى * التكون (1222) من باقي الأسنان. * ولا شك (1223) أن الحرارة * الغريزية (1224) الحاصلة في أبدان الأحداث والشباب حاصلة من أول الكون. وأما المقدمة الثانية فإن كل من بعد عن * التكون (1225) ، كان المتحلل من بدنهه كثيرا والحرارة الغريزية قائمة بالرطوبات الغريزية. * وكل (1226) ما تحلل جزء من * الرطوبات (1227) تحلل معه جزء من الحرارة لاستحالة بقاء الأعراض عند عدم محالها. فحينئذ يكون المتحلل من الأبدان إلى حين حصول الشاب أكثر من المتحلل منها إلى حين حصول الحداثة. فتكون الحرارة في أبدان الشباب ناقصة وفي أبدان الأحداث متوفرة؛ وهو المطلوب. ورابعها أن نفس الأحداث أشد تواترا من نفس الشباب وشدة تواتره دليل على * كثرة (1228) الحرارة. * فالأحداث كثيري (1229) الحرارة. أما المقدمة الأولى فهي ظاهرة من استقراء حال الأحداث والشباب في حال الحركة والتعب وغير ذلك من الأمور المثيرة للحرارة. PageVW1P010A وأما المقدمة الثانية فلأن تؤاتر النفس موجبة كثرة الحرارة وتفاوته مووجهة * لقلة (1230) الحرارة على ما * علم في (1231) النبض. وقد بينا هذا في شرحنا لكليات القانون عند كلامنا في النبض. فهذه أدلة الفريق الأول. وأما الفريق الثاني فقد تمسكو في مطلوبهم بطريقين. * الطريقة (1232) * الأولى (1233) في بيان ضعف حرارة الأحداث * والثانية (1234) في ذكر حرارة * الشباب (1235) . أما * الأولى (1236) فقد تمسكوا * فيها (1237) بوجوه ثلاثة. أحدها أن * شهوة (1238) الطعام في الأحداث أقوى من الهضم، وقوة الشهوة دليل على قوة البرد. فالبرودة فيهم أقوى مما هي في الشباب فحرارتهم مقصرة. أما المقدمة الأولى فإنهم يأكلون كثيرا وكثيرا ما يعتريهم * التخم (1239) والتهوع والقيء وشهوتهم للغذاء قوية. وكل هذا دليل على ضعف الهضم وذلك دليل على ضعف الحرارة. وأما المقدمة الثانية فلأن الشهوة * الكلبية (1240) حاصلة من البرد. وذلك لأن البرد يجمع أجزاء المعدة ويكثفها والحر * يرخيها (1241) وبضعف الشهوة. وثانيها أن الأحداث يغلب عليهم البلغم وكل من غلب غلب عليه البلغم فحرارته مقصرة * والأحداث (1242) حرارتهم مقصرة. أما المقدمة الأولى فإن أمراض الأحداث في الأكثر بلغمية وأكثر ما يفذقونه بالقيء * بلغما (1243) . وأما المقدمة الثانية * فلأن (1244) كل مزاج بذاته يولد ما يشاكله والبلغم بارد على ما بيناه في كتبنا المبسوطة والأحداث حرارتهم مقصرة. * وثالثها (1245) أن النمو لا يتم بالحرارة بل بالرطوبة لأن النمو لا بد فيه من اتصال وانفصال وقبول التشكيل والرطوبة معينة على ذلك. فقوة النمو في الأحداث لا تدل على كثرة الحرارة بل على كثرة الرطوبة. وأما الطريقة الثانية فقد تمسكوا فيها بوجوه أربعة. أحدها أن دم الشباب أكثر وأحد وأمتن، وكل من كان كذلك فهو أكثر حرارة. فالشباب * كثير (1246) الحرارة. أما بيان المقدمة الأولى فلأن الشباب يصيبهم الرعاف أكثر وأشد وما ذاك إلا لكثرة الدم وحدته فتكرهه الطبيعة وتدفعه إلى هذه الجهة. وأما أنه أمتن فلأن دم الأحداث الغالب عليه المائية. ودم الشباب قوي النضج الغالب عليه الأجزاء الغليظة. وأما المقدمة الثانية فلأن كل مزاج * بذاته يولد (1247) ما يشابهه، وقد علم من كتبنا المبسوطة أن الدم حار فيكون البدن المتولد منه * فيه (1248) حار، فالشاب حار والمزاج. وثانيها أن مزاج * الصبيان (1249) إلى الصفراء أميل، وكل من كان مزاجه كذلك فهو أكثر حرارة. أما PageVW5P030B المقدمة الأولى فقد يدل على صجتها أن أكثر أمراض الشباب صفراوية وقيئهم صفراوي. وأمأ المقدمة الثانية فإن كل مزاج * بذاته يولد (1250) ما يشابهه ويلايمه. * وقد (1251) علم * من كتبنا المبسوطة (1252) أن الصفراء حارة يابسة فالشباب * حارو (1253) المزاج. وثالثها أن * الشباب (1254) حركاتهم أقوى وأكثر من حركات الأحداث. وكل من * كانت (1255) حركته أكثر وأقوى فحرارته أكثر. أما المقدمة الأولى فهي ظاهرة لكل واحد. وذلكك لأن الشباب أصبر على الحركة، ومع ذلك فهي فيهم أقوى وأسرع. وأما المقدمة الثانية فلأن قوة الحركة والصبر * عليها (1256) دليل على قوة القوة المحركة الدالة على قوة آلتها التي هي الحرارة. فكثرة الحركة حينئذ * دالة (1257) على كثرة الحرارة * فالشبان (1258) * كثيرو (1259) الحرارة. ورابعها أن الشباب أقوى استمراء وهضما من الأجداث، وكل من كان كذلك فهو أكثر حرارة. فالشباب أكثر حرارة. أما المقدمة الأولى فيدل على صحتها أنه لا يصيبهم من التخمة وسوء الاستمراء ما يصيب الأحداث. وأما بيان المقدمة الثانية فهو أن جودة الأفعال المذكورة تبع لقوة القوى الطبيعية التي هي فرع على قوة آلتها التي هي الحرارة الغريزية على ما قررناه في دليل لبخصم. فالشباب أكثر حرارة. هذه * أدلة (1260) الفريقين والكل ضعيفة. والجواب عن ما * تمسك (1261) به الفريق الأول أولا قولهم أن النمو ظاهر في الأحداث إلى آخره. * فنقول (1262) يجوز أن يكون توليد هذه المادة لا لقوة الحرارة بل لتحصيل غرض الطبيعة وهو كمال الأعضاء في القدر اللائق بنوع الإنسان فإنها عندما يكون لها غرض تهتم بتحصيله وتستعين في * ذلك بجميع القوى (1263) ويدل على صحة هذا أمور سبعة. أحدها ظهور * حركة الصدر (1264) وباقي آلات التنفس في السكتة وليس لهذا علة سوى اهتمام الطبيعة بالقلب في هذا الوقت. وثانيها حال الناقه في استعمال الغذاء فإنه لما كانت حرارته ضعيفة وأعضاؤه محتاجة إلى تناول الغذاء اهتمت طبيعته * بهضم (1265) وتوزيعه على أعضائه وليس لهذا علة سوى أن لها * غرضا (1266) في إعادة الأعضاء إلى كمالها الأول. وثالثها أنا نرى من يستولي عليه هم أو غم تشتغل قواه البدنية عن تدبير بدنه وتتصرف إلى * الجهة الموجبة (1267) لذلك وليس لهذه علة سوى اهتمام الطبيعة بدفع ذلك الموجب. ورابعها أنا نرى لاعب * النرد والسطرنج (1268) إذا استغرق في لعبه وحصلت له الغلبة يغفل عن تدبير بدنه في جلب النافع ودفع الضار وليس لهذا علة سوى اهتمام الطبيعة بأمر الغلبة والتذاذ به. وخامسها أن الشيخ قد ذكر في الكتاب الثالث من القانون PageVW1P010B عندما يكلم في أمراض الباه أن قلته المني * قد (1269) تكون لقلة * احتفال (1270) الطبيعة به * واهتمامه (1271) * بتوليده (1272) كما يعرض للمرضعة إذا فطمت ولدها. فإن لبنها ينقطع بالتدريج وليس لهذا علة إلا عدم احتياج الطبيعة إلى ذلك. فإنها لما كانت محتاجة * إليه أولا (1273) ولدته ثم لما استغنت عنه تركته. وسادسها أنا نرى المرضى بأمراض حادة يتركون الغذاء مدة طويلة مع استيلاء التحلل على أبدانهم الذي هو موجب لتناوله وليس لهذا علة سوى اهتمام الطبيعة PageVW5P031A البدنية بدفع المؤذي عن البدن. وسابعها أنا نرى المولهين والمنصرفين بفكرهم إلى عالم القدس يتركون الغذاء أياما طويلة من غير أن * نالهم (1274) من ذلك ضرر بل ربما ورد على أبدانهم أمور مؤذية أذية * بالغة (1275) * وهم لا (1276) يشعرون * بذلك (1277) وليس لها علة سوى أن الطبيعة قد مال غرضها إلى جهة أخرى. إذا عرفت هذا فنقول لم لا يقال إن سبب جودة الهضم والاستمراء في الأحداث وظهور النماء فيهم ليس هو لقوة الحرارة بل اهتمام الطبيعة بتحصيل كمال الأعضاء اللائق بنوع الإنسان لا سيما والأعضاء قابلة لذلك فإنها لينة رطبة في هذا السن ويكون حينئذ وقوف النماء في سن الشباب ليس هو لضعف الحرارة بل لما حصل الكمال اللائق بنوع الإنسان انقطع غرض الطبيعة فوقف النماء. والجواب عما تمسكوا به ثاينا قولهم إن الأفعال الطبيعية في الأحداث على أتم وجه وأكمله إلى آخره. * نقول (1278) القدر المحتجة إلى أعضاء بدن الشباب أكثر من القدر المحتجة إلى أعضاء الصبى لأجل الإخلاف والنمو * وذلك (1279) لكبر أعضاء الشباب وضعف أعضاء الصبى. وإذا كان لكثرة الوارد دليل على جودة الهضم فالهضم في الشباب وغيره من الأفعال الطبيعية كما في الصبيان وزيادة غير أن الصبيان لما كانوا محتاجين إلى الغذاء ومعدهم صغيرة لا تفي بهضم ما هم محتاجون إليه في مرة واحدة، صار يتواتر عليهم استعمال الغذاء وأهضمه فيوهم حالهم * إلى (1280) أن الهضم فيهم والشهوة أقوى مما هما في الشباب * وغيرهم (1281) . والجواب عما تمسكوا به ثالثا قولهم إن الأحداث * قريبي (1282) العهد بالكون إلى آخره. نقول * ليست (1283) دلالة هذا على قوة الحرارة بأولى من دلالته على كثيرة الرطوبة فإن الكون كما أنه يكون من حرارة فاعلة لا بد له من مادة قابلة. والجواب عما تمسكوا به رابعا قولهم إن التنفس في الأحداث متواتر إلى آخره. نقول: قد علم النبض أن الطبيعة المدبرة للبدن متى احتاجت إلى استنشاق هواء بارد يصلح به مزاج القلب، * فإن (1284) * كانت (1285) القوة قوية والآلة مطاوعة والحاجة شديدة استعملت العظم. فإن كانت القوة دون ذلك في القوة استعملت السرعة. * وإن (1286) كانت أضعف من ذلك استعملت التواتر. ولا شك أن قوى الصبيان ضعيفة وحرارتهم أيضا كذلك لكثرة الرطوبات الغامرة في أبدانهم * فأعاقها (1287) ذلك عن استعمال العظم فاستعملت السرعة والتواتر. هذا وإن * كان (1288) نبضهم في الحقيقة عظيم بالنسبة إلى أبدانهم. والجواب عما تمسكوا به الفريق الثاني في الطريقة الأولى * أولا قولهم (1289) إن الشهوة في الأحداث قوية إلى آخره. نقول أن الشهوة الكائنة عن البرد هي الشهوة الكلبية ومثل هذه الشهوة لا يكون معها استمراء واعتداء * على ما (1290) ينبغي وهما في الصبيان في أكثر الأوقات على ما ينبغي وإلأ كيف يوردون بدل المتحلل * وزائدا (1291) في النمو؟ والجواب عما تمسكوا به ثانيا قولهم PageVW5P031B إن أمراض الصبيان في الأكثر بلغمية إلى آخره. نقول توليد الشيء للشيء تارة يكون بالذات وتارة يكون بالغرض فتوليد البلغم في أبدان الأحداث بالغرض وذلك لكثرة حركاتهم على الأغذية وسوء ترتيبهم لاستعمالها فيكثر * فيهم التخم (1292) وسوء الاستمراء فيكثر البلغم فيهم * فتوليده (1293) حينئذ بواسطة فهو بالغرض لا بالذات. والجواب عما تمسكوا به ثالثا قولهم إن النمو يكون بالرطوبة إلى آخره. نقول النمو فعل * فلا (1294) بد له من فاعل وقابل * والقابل (1295) هو الرطوبة والفاعل * هو (1296) القوة النامية التي خلقها الله * تعالى (1297) لذلك بالحرارة الغريزية التي هي آلتها. فالرطوبة ليست بذاتها * تتخلق وتتصور (1298) بل تخلقها وتصورها بما ذكرنا. والجواب عما تمسكوا به في الطريقة الثانية * أولا قولهم (1299) إن الدم PageVW1P011A في الشباب أكثر وأحد إلى آخره. نقول سبب كثرة الدم في الشباب وقوف النماء وسبب حدته يبس أبدانهم فإنكم قد عرفت أن الحرارة متى تعلقت يجسم يابس استفادت حدته فيكون دمهم كثيرا حادا فيميل بذلك إلى * العالي (1300) وينصب إلى جهة المنخرين لأنه معتاد * بالخروج (1301) * منهما (1302) وذلك * إما (1303) لدفع الطبيعة أو لغير ذلك فيخرج بالرعاف. وأما مثابتة جوهره فليس هو لقوة النضج بل لكثرة مقداره وتراكمه بعضه على بعض فيتحلل لطيفه ويبقى كثيفه * ويغلظ (1304) قوامه. والجواب عما تمسكوا به ثانيا قولهم إن الشباب مزاجهم إلى الصفراء أميل إلى آخره. نقول ليس بسبب توليد الصفراء في أبدانهم كثرة حرارتهم بل حدتها فإنها لما كانت متعلقة بجسم يابس كانت حادة فكانت مولدة للصفراء. والجواب عما تمسكوا به ثالثا قولهم إن حركات الشباب أقوى وأثبت إلى آخره. نقول ليس سبب قوة حركة الشباب كثرة الحرارة بل * صلابة (1305) الآلة وتمكنها مما هو مطلوب منها. ولا شك أن حال * الصبيان (1306) في ذلك بضده. والجواب عما تمسكوا به رابعا قولهم إن * الاستمراء في الشباب (1307) أقوى وكذلك * الهضم (1308) . نقول ليس سبب ذلك فيهم كثرة * حركاتهم (1309) بل حسن ترتيبهم لاستعمال الأغذية وسوء ترتيبه في الأحداث فإنا قد بينا في كتبنا المبسوطة حيث تكلمنا في حفظ الصحة أن لترتيب الأغذية * قوة عظيمة (1310) في إصلاح الغذاء * وإفساده (1311) والله * أعلم (1312) .
البحث السادس
في ذكر مذهب الفاضل خالينوس في ذلك وما صح عندنا بالبرهان القاطع. ادعى الفاضل جالينوس أن الحرارة في الأحداث والشباب حرارة واحدة أي متساوية غير أنها في الأحداث ألين وفي الشباب أحد، وذكر لهذا مثالا في كتاب * المزاج (1313) وهو أنا إذا فرضنا حرارة واحدة تعلقت بماء وحجر * متساويي (1314) الوزن فإنا نرى المتعلقة بالماء ألين وألدن والمتعلقة بالحجر أحد وألذع، وذلك لأن * رطوبة الماء (1315) يفيدها ذلك ويبوسة الحجر يفيدها ذلك أيضا، واستدل على صحة مذهبه بما نقوله عنه وهو أن الحرارة الغريزية التي في بدن الإنسان حاصلة في أصل الكون * من (1316) المني من امتزاج PageVW5P032A العناصر بعضها * ببعض (1317) وهي في حال الصبا لم يعرض لها ما ينقصها وكيف يكون ذلك والصبي ممعن في التزيد لطلب الكمال ولم يعرض لها ما يزيدها فإن ذلك إنما يكون بزيادة * حزء (1318) ناري يمتزج بباقي عناصر البدن وهذا الكون مستحيل، وكذلك هي في سن الشباب لم يعرض لها ما يزيد فيها لامتناع امتزاج العناصر بعد الكون ولم يعرض لها ما يطفئها لأنها مستحفظة برطوبة والقدر المتحلل من الرطوبة ليس هو القدر الحافظ لها بل المتجه إلى جهة النمو ومحال أن يقال إن هذه القدر المتبقى هو الزائد في النمو، وذلك لأن الحرارة هي الأصل في النمو المستبقى وفي جميع الأفعال * فكيف (1319) يجوز أن يقال إنها * تبقى (1320) بالنمو وتترك حفظ ما هو أصل في النمو وفي جميع الأفعال وهذا البحث مبني على أن الحرارة العريزية هي الاستقصئية. وأما من يقول إنها الفلكية فهذا الدليل * لا (1321) يمشي على مذهبه وهو أن الحرارة الغريزية هي خاصلة * في البدن (1322) الإنساني عند تعلق نفسه الناطقة ببدنه ومحال * أن يقال (1323) إنها تزداد لأن زيادتها إنما تكون بتعليق نفس أخرى ببدنه وقد ثبت في غير هذا الفن استحالة تعلق نفسين ببدون واحد. وقد بينا استحالة زيادتها * بغذاء أودواء (1324) فإن قيل لا يسلم أن الشباب * لا (1325) يقع لهم سبب يزيد في حرارتهم بل الحق يوجب زيادتها على حرارة الأحداث. وذلك لأن في كل واحد من البدنين حرارة تفي بتدبيره من غير زيادة ولا نقصان. وأجزاء بدن الشباب أكثر من أجزاء بدن الحدث. فلو قدرنا أن الحرارة الوافية بتدبير بدن الحدث هي بعينها في بدن الشباب من غير زيادة ولا نقصان لضعفت عن تدبير أجزائه الكبيرة فهي حينئذ غيرها أي زائدة عليها. وإلا لم تكن وافية بتدبيره. فنقول الجواب عن هذا قوله إن في كل بدن حرارة تفي بتدبيره. * نقول هذا (1326) مما لا يشك فيه. * وقوله (1327) إن أعضاء الشباب أكبر من أعضاء الحدث فيجب أن تكون * الحرارة (1328) أزيد، نقول: المدبر في أبدان الحدث في * زمن (1329) الحداثة كالمتدبر في * بدن (1330) الشباب فإن أعضاء الحدث، وإن كانت أصغر من أعضاء الشباب غير أنها تزيد عليها PageVW1P011B بالنمو، * فالقدر (1331) الزائد عليها بالنمو يقوم لها مقام زيادة أعضاء الشباب على أعضائه في المقدار.واعلم أن الذي استقر عليه * رأيي (1332) في هذا المقام وثبت عندي صحته بالبرهان القاطع المبني على مقدمات حكيمة أن الحرارة في سن النماء أكثر مما هي في سن الشباب وهو أنه قد ثبت في الحكمة أن الحرارة عرض وأن العرض * حلوله (1333) في * محله (1334) على سبيل السريان وأنه سبب * لقوامها (1335) وأنه يستحيل الانتقال عليه بدون محله * حتى (1336) لا * يقال (1337) إن الحرارة عند نقصان الرطوبة في سن الشباب من لم يقال إلى أنها يحجتمع في المقدار المتبقى من الرطوبة في بدن الشباب PageVW5P032B * فإنه (1338) يلزم من انقسام المحل انقسام الحال. إذا علم هذا فنقول لا شك أن الاجتماع منعقد بين الفلاسفة والأطباء أن الرطوبة في سن النماء أوفر مما هي في سن الشباب والحرارة سارية فيها ثم أنها تأخذ في الانتقاص إلى سن الشباب على ما عرفت. ويلزم من نقصانها نقصان الحرارة لضرورة نقصان المحمول عند نقصان الحامل؛ وفيه نظر. ثم أنها تأخذ في الانتقاص عند الانتقال إلى سن الشباب ويلزم من نقصانها نقصان الحرارة والحرارة سارية فيها وإذا كان كذلك فالحرارة في سن * الحداثة (1339) أكثر مما هي في سن الشباب والله أعلم.
البحث السابع
في تحقيق معنى الحار * معنى مقدم (1340) من كلام أبقراط: أما جالينوس فقد قال المراد به الجوهر الحامل للحرارة هذا بعد ما جوز إطلاق اسم الحار على الكيفية. ومثل عليه بحوضين متساويين في المقدار صير فيهما ما حرارته واحدة. فيقال إن الحار في أحد الحوضين أكثر وهو الأكبر نظرا إلى كمية الجوهر وفي الآخر أقل وهو الأصغر مع أن نفس الكيفية فيهما واحدة. ثم قال وجوهر الحار الغريزي * جوهر (1341) هوائي * مائي (1342) كما يدل عليه المني. فإن الجوهر * الأرضي (1343) فيه قليل وأكثر ما فيه هواء حار ورطوبة وأيضا فإن كونه من الدم وهو رطب. قال * وإذا (1344) كان الصبى المولود أكثر ما فيه الجوهر الحار المائي والهوائي وجب أن يقال إن الحار الغريزي فيه أكثر * مما (1345) يكون والمتناهي الشباب والكهل هذان الجوهران فيهما قليلا. فوجب أن يقال إن الجوهر الغريزي بحسب ذلك فيهما أنقص * فإن (1346) كانت الحرارة فيهما سواء. هذا جملة ما قال في هذا الموضع؛ وفيه نظر. وهو أنه لا يلزم من زيادة هذا الجوهر زيادة الحاجة إلى الوقود لاحتمال أن تكون الحرارة معه ضعيفة. وأيضا فإنه جوهر قابل ليس هو فاعل حتى يكون محللا ويلزم من كثرته قوة الاحتياج إلى الوقود. وأيضا فمثل هذا الجوهر لا يقال للغذاء إنه وقود بالنسبة إليه بل بالنسبة إلى الحرارة. وإذا كان كذلك فالحق أن * لفظة (1347) الحار يطلق على الجوهر وعلى الكيفية ومراده هاهنا نفس الكيفية لا الجوهر الحامل * لها (1348) حنى يصح الحكم بزيادة الحاجة إلى الوقود الكيفية.
البحث الثامن
Página desconocida