Explicación del Diván de Mutanabbi
شرح ديوان المتنبي
Géneros
قال ابن جني: وعلى نحو ذلك فحضرني قديما بالموصل أعرابي عقيلي جوثي تميمي، يقال له محمد بن العساف الشجري، وقلما رأيت بدويا أفصح منه، فقلت له يوما - شغفا بفصاحته والتذاذا بمطاولته، وجريا على العادة معه في إيقاظ طبعه واقتداح زند فطنته: كيف تقول: «أكرم أخوك أباك» فقال كذاك، فقلت له: أفتقول: «أكرم أخوك أبوك» فقال: لا أقول «أبوك» أبدا فقلت: فكيف تقول: «أكرمني أبوك» فقال كذاك، قلت: ألست تزعم أنك لا تقول «أبوك» أبدا؟ فقال «إيش هذا؟ اختلفت جهتا الكلام» فهل قوله اختلفت جهتا الكلام. إلا كقولنا نحن هو الآن فاعل وكان في الأول مفعولا! فانظر إلى قيام معاني هذا الأمر في أنفسهم وإن لم تقطع به عبارتهم.
أخبرني أبو علي عن أبي بكر عن أبي العباس قال: سمعت عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير يقرأ: «ولا الليل سابق النهار» فقلت له: ما أردت؟ قال: أردت سابق النهار، فقلت له: فهلا قلته؟ فقال: لو قلته لكان أوزن أي أقوى وأفصح، ففي هذه الحكاية من فقه العربية ثلاثة أشياء؛ أحدها: أنهم قد يراعون من معانيهم ما ننسبه إليهم ونحمله عليهم، والثاني: أنهم قد ينطقون بالشيء وفي أنفسهم غيره، ألا ترى أنه لما نص أبو العباس عليه واستوضح ما عنده قال: «أردت كذا» وهو خلاف ما لفظ به، والثالث: أنهم قد ينطقون بالشيء وغيره أقوى منه استلانة وتخفيفا، ألا تراه كيف قال: لو قلته لكان أوزن؛ أي أقوى وأعرب.
قال ابن جني: وسألت الشجري صاحبنا، هذا الذي قد مضى ذكره، قلت له: كيف يا أبا عبد الله تقول: «اليوم كان زيد قائما؟» فقال: كذلك، فقلت: فكيف نقول: «اليوم إن زيدا قائم؟» فأباها البتة، وذلك أن ما بعد أن لا يعمل فيما قبلها؛ لأنها إنما تأتي أبدا مستقبلة قاطعة لما قبلها عما بعدها وما بعدها عما قبلها، قلت له يوما ولابن عم له يقال له غصن - وكان أصغر منه سنا وألين لسانا: كيف تحقران «حمراء» فقالا: حميراء، قلت: فصفراء قالا : «صفيراء» قلت: «فسوداء» قالا: «سويداء» واستمررت بهما في نحو هذا، فلما استويا عليه دسست بين ذلك «علباء» فقلت: «فعلباء» فأسرع ابن عمه على طريقته فقال: «عليباء» وكان الشجري يقولها معه، فلما هم بفتح الباء استرجع مستنكرا فقال إه «عليبى» وأشم الفتحة دائما للحركة في الوقف، وتلك عادة ...
قال ابن جني: فسألته يوما: يا أبا عبد الله، كيف تجمع محرنجما - وكان غرضي من ذلك أن أعلم ما يقوله: يكسر فيقول: حراجم، أم يصحح فيقول: محرنجمات، فذهب هو مذهبا غير ذين فقال: «وإيش فرقه حتى أجمعه؟» وصدق، وذلك أن المحرنجم هو المجتمع: يقولها مارا على شكيمته غير محس لما أريده منه والجماعة معي على غاية الاستغراب لفصاحته، قلت له: فدع هذا: إذا أنت مررت بإبل محرنجمة وأخرى محرنجمة، وأخرى محرنجمة. تقول: مررت بإبل ماذا؟ فقال - وقد أحس الموضع - «يا هذا هكذا أقول: مررت بإبل محرنجمات» وأقام على التصحيح البتة استيحاشا من تكسير ذوات الأربعة لمصاقبتها ذوات الخمسة التي لا سبيل إلى تكسيرها لا سيما إذا كان فيها زيادة، والزيادة قد تعتد في كثير من المواضيع اعتداد الأصول حتى إنها لتلزم لزومها نحو: كوكب، وحوشب،
18
وضيون،
19
وهزنبران،
20
ودودرى،
Página desconocida