Explicación del Diván de Mutanabbi
شرح ديوان المتنبي
Géneros
مستسقيا مطرت علي مصائبا
ويقول الثعالبي: إن أبا الطيب كان يجشم نفسه أسفارا أبعد من آماله، لا يستقر ببلد ولا يسكن إلى أحد، وكان من وفرة ما لاقى في سبيل غايته من مشقة، وشح ما لقي من مكافأة، وطول ما عانى ونصب، يكره الدنيا ومن فيها، ويخالها بناسها حربا عليه، وليس يغيب عن الذهن ما قاله في تحقير الناس، من شعر ممعن في الذم، قال:
أذم إلى هذا الزمان أهيله
فأعلمهم فدم وأحزمهم وغد
إلى آخر الأبيات.
وليس يخفى أنه كان متعاليا على الناس، شديد الاعتداد بنفسه، والإيمان بحقه على أهل زمانه، ونحسبه كان محقا في ذلك، وإلا لما حفل الناس به إلى يومنا هذا، ولما سعى إليه الممدوحون بدل أن يسعى إليهم. يقول في إحدى قصائد صباه:
إن أكن معجبا فعجب عجيب
لم يجد فوق نفسه من مزيد
إلى آخر ما هو من هذا القبيل.
ولم يكن أبو الطيب يتغنى بالثورة والمجد عبثا، ولا كان عاجزا يمني نفسه بالقول دون الفعل، وإنما كان يسعى لآماله سعي المشيح المجد، فلقد هم بالثورة وترقب لها الفرص، ثم سكت عن أشباه ذلك بعد أن بارح عتبة الصبا، وأوغل في سني الرجولة الحكيمة، فتركزت آماله في عقله الباطن، وراح يعمل على تحقيقها في هدوء ويقين وثقة بالنجاح، وقد استمر يمني النفس، ويبسط أمامها سبل الأمل الباسم الخلاب، حتى قتل الزمان هذا الأمل في رأسه وخياله؛ فآب صامتا محتملا يشكو لنفسه مطل الزمان، ولا يشكو لبني الإنسان، فهو يراهم دونه بكثير. •••
Página desconocida