245

Explicación del Diwan de Mutanabbi

شرح ديوان المتنبي

Investigador

مصطفى السقا/إبراهيم الأبياري/عبد الحفيظ شلبي

Editorial

دار المعرفة

Ubicación del editor

بيروت

- الْغَرِيب الشُّمُول الْخمر سميت بذلك لِأَنَّهَا تَشْمَل برائحتها وَقيل شبهت بالشمال من الرّيح لِأَنَّهَا تعطف باللب كَمَا تعطف بالشمال وَرجل مشمول الْخَلَائق أى محمودها ومشمول الْخَلَائق مذمومها مَأْخُوذ من الشمَال من الرّيح لأَنهم لَا يحمدونهم لِأَنَّهَا تفرق السَّحَاب والصنم وَاحِد الْأَصْنَام يُقَال إِنَّه مُعرب شمن وَهُوَ الوثن الْمَعْنى يُرِيد إِنَّه يتمايل كمشية السَّكْرَان وغيرت الْخمر مشيته وزادت فى حسنه كَأَنَّهُ صنم لَوْلَا أَنه ذُو روح وجردت عَنهُ ثِيَابه أى أزالت لِبَاسه عَنهُ قَالَه الْخَطِيب وَقَالَ غَيره جردته من شبه النَّاس حَتَّى أشبه الصَّنَم وَنظر فِيهِ إِلَى قَول ديك الْجِنّ
(ظَلِلْنا بأيْدِينا نُتَعْتِعُ رُوحَها ... فتأْخُذُ مِنْ أقْدَامِنا الخَمْرُ ثارَها)
٣ - الْغَرِيب تضرجت احْمَرَّتْ خجلا وَأَصله من انضرج إِذا انْشَقَّ كَأَنَّهُ قد انضرج أى انْشَقَّ جلده فَظهر الدَّم الْمَعْنى يَقُول فؤادى هُوَ الْمَجْرُوح فَمَا بَال هَذَا الرشأ لما نظرته تضرجت بِالدَّمِ وجناته وَلم يجرحها شئ وَإِنَّمَا الْمَجْرُوح فؤادى وَهُوَ من قَول كشاجم
(أرَاهُ يُدَمَّى خَدُّهُ وَهْو جارِحى ... بعينَيْهِ والمجْرُوحُ أوْلى بأنْ يَدْمَى)
٤ - الْغَرِيب صاب السهْم يصوب صيبوبة أى قصد وصاب السهْم القرطاس يصبهُ صيبا لُغَة فى أَصَابَهُ وفى الْمثل مَعَ الخواطئ سهم صائب الْمَعْنى يُرِيد أَنه أَصَابَهُ بِعَيْنيهِ وَلم يصبهُ بِيَدِهِ وَقَوله
(رمتا يَدَاهُ)
الْوَجْه أَن يَقُول رمت يَدَاهُ وَلكنه على لُغَة من قَالَ قاما أَخَوَاك وَمثل هَذَا قِرَاءَة حَمْزَة والكسائى فى قَوْله تَعَالَى ﴿إِمَّا يبلغان عنْدك الْكبر أَحدهمَا أَو كِلَاهُمَا﴾
وَالْمعْنَى أَنه يُرِيد أَن عَيْنَيْهِ رمتا وَلم ترم يَدَاهُ سَهْما يعذب وَمن عَادَة السهْم أَن يقتل فيريح الْمَقْتُول وَهَذَا السهْم لم يرح وَإِنَّمَا يعذب الذى أَصَابَهُ فَهُوَ لاميت وَلَا حى بل هُوَ معذب
٥ - الْغَرِيب الْجنان الْقلب وَيُقَال مَا على جنان إِلَّا مَا ترى أى ثوب وجنان اللَّيْل ادلهمامه قَالَ خفاف بن ندبة
(ولوْلا جَنان اللَّيْل أدْرك رَكضُنا ... بذى الرّمْثِ والأرْطى عياضَ بنَ ناشبِ)
الْمَعْنى يَقُول نلتقى بالقلوب لَا بالأجسام وَإِن قرب المزار فَلَا مَزَار على الْحَقِيقَة وَيَغْدُو الْجنان أى يَغْدُو الْقلب إِلَيْهِ وَيروح أى يتَذَكَّر فيتصور فى الْقلب فكأنا قد الْتَقَيْنَا وَهَذَا من قَول ابْن المعتز
(إنَّا عَلى البِعادِ والتَّفَرُّقِ ... لَنَلْتَقِى بالذّكْرِ إنْ لَمْ نَلْتَقِ)
وَمثل هَذَا لرؤبة
(إنى وَإِن لم ترَنى كأنَّنى ... أرَاكَ بالغَيْب وَإِن لم ترَنى)
وَأحسن فى هَذَا الْمَعْنى أَبُو الطّيب على من قبله بقوله
(لَنا ولأهْلِه أبدا قُلُوبٌ ... تلاقى فى فى جُسومٍ مَا تلاقى)
٦ - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح ظَهرت سرائرنا وشفنا نقصنا يُرِيد لما عرضنَا لَك بهواك قَامَ مقَام التَّصْرِيح منا لَك وَيجوز عرضنَا لَك عودتك فصرحت بالهجر وَيجوز لما جهدنا بالتعريض اسْتَرَحْنَا إِلَى التَّصْرِيح فانهتك السّتْر وَهُوَ أقوى الِاحْتِمَالَات انْتهى كَلَامه قَالَ الواحدى لم يقف أَبُو الْفَتْح على حَقِيقَة الْمَعْنى وَقد ذكر فى هَذَا أوجها فَاسِدَة وَإِنَّمَا حَقِيقَة الْمَعْنى كتماننا نقصنا وهزلنا فَصَارَ النحول صَرِيح الْمقَال يُرِيد أَنه اسْتدلَّ بالتحول على مَا فى الْقلب من الْحبّ فَقَامَ ذَلِك مقَام التَّصْرِيح لَو صرحنا
٧ - الْغَرِيب الحمول الْأَحْمَال على الْإِبِل وَيُرِيد بهَا الْإِبِل الَّتِى حملتها والطلوح جمع طلح وَقيل جمع طَلْحَة الْأَحْمَال مثل بدرة وبدور والأسى الْحزن الْمَعْنى يَقُول لما تَفَرَّقت الحمول سائرة تقطعت نفسى وجدا وحزنا وَشبههَا بالأشجار وَمن عَادَة الْعَرَب أَن تشبه الْإِبِل وَعَلَيْهَا الهوادج بالأشجار وَقَالَ الخوارزمى الطلح شجر أَسْفَله دَقِيق وَأَعلاهُ كالقبة فتشبه الحمول بذلك
٨ - الْإِعْرَاب أَدخل بَين الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر جملَة فعلية وَالتَّقْدِير حسن العزاء قَبِيح وَقد جبلين أى المحاسن الْمَعْنى يُرِيد أَن الْوَدَاع كشف محَاسِن الحبيب الَّتِى يُمكن أَن تظهر حَتَّى قبح الصَّبْر عِنْدهَا وَهَذَا كَقَوْل العتبى
(والصَّبْرُ يُحْمَدُ فى المَوَاطِنِ كلِّها ... إلاَّ عَلَيْكَ فإنَّهُ مَذْمُومُ)
وَقَالَ يحيى بن مَالك
(أحَقا فمَا وَجدِى عليكَ بهَيِّن ... وَلَا الصَّبرُ إِن أعطيتَه بجَميل)
وكقول حبيب
(وَقد كَانَ يُدعَى لابسُ الصَّبر حازما ... فَأصْبح يُدعَى حازما حِين يَجْزعُ)
وَأحسن وَزَاد على الْجَمَاعَة أَبُو الطّيب بقوله
(أجِدُ الجَفاءَ على سواك مُرُوّة ... والصبرَ إِلَّا عَن نوَاك جميلا)

1 / 245