فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ مُسْنَدَةً مِنْ طُرُقٍ حِسَانٍ وَمُرْسَلَةً وَمَوْقُوفَةً تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنَاطَ الْوُجُوبِ: وُجُودُ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ مَعَ عِلْمِ النَّبِيِّ ﷺ بِأَنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَقْدِرُونَ عَلَى الْمَشْيِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ قَوْلَ اللَّهِ - سُبْحَانَهُ - فِي الْحَجِّ: ﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧] إِمَّا أَنْ يَعْنِيَ بِهِ الْقُدْرَةَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ وَهُوَ مُطْلَقُ الْمَكِنَةِ، أَوْ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى ذَلِكَ. فَإِنْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ هُوَ الْأَوَّلَ، لَمْ يُحْتَجْ إِلَى هَذَا التَّقْيِيدِ، كَمَا لَمْ يُحْتَجْ إِلَيْهِ فِي آيَةِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى ذَلِكَ، وَلَيْسَ هُوَ إِلَّا الْمَالَ.