الصَّبِيَّ» " فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: " «وَلَهُ حَجٌّ، وَلِأُمِّهِ وَلَكِ أَجْرٌ» ".
فَهَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي صِحَّةَ حَجَّةِ الْمَعْتُوهِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِيهِ أَنَّهُ مَسْلُوبُ الْعَقْلِ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ حَجِّهِ كَالصَّبِيِّ.
وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ: أَنَّ الْمَجْنُونَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ شَيْءٌ مِنَ الْعِبَادَاتِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَهِيمَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ أَنَّ هَذَا لَهُ عَمَلٌ وَحَرَكَةٌ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ عَقْلٍ وَلَا تَمْيِيزٍ، فَأَشْبَهَ الْبَهِيمَةَ، وَعَكْسُهُ الصَّبِيُّ فَإِنَّ غَيْرَهُ هُوَ الَّذِي يَعْمَلُ بِهِ فَجَازَ أَنْ يُحْرِمَ بِهِ؛ وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ إِنَّمَا يَعْقِدُهُ وَلِيُّهُ، وَوَلِيُّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُجَنِّبَهُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ؛ وَلِأَنَّ الصَّبِيَّ لَمَّا عَدِمَ كَمَالَ الْعَقْلِ عَدِمَ مَا يَحْتَاجُ إِلَى الْعَقْلِ، فَعَدَمُهُ فِي حَقِّهِ لَيْسَ نَقْصًا، وَالْمَجْنُونُ سُلِبَ الْعَقْلَ مَعَ وُجُودِ مَا يَحْتَاجُ إِلَى الْعَقْلِ.