وبحق فإن الكتاب موسوعة حديثية، وقد جمع من طرق الحديث وعلله ما يدهش المرء، ويعجزه عن الملاحقة، والاطلاع، فكيف بالابتداء والتصنيف.
والكتاب يقع في خمسة مجلدات مخطوطة كبيرة، قدر لي أن أطلع عليها - الحمد لله - بعد جهد جهيد وصبر، إذ لم أوفق بالاطلاع على بعض أجزائه إلا بعد وقت طويل من البحث، وذلك بسبب ضياع بعض هذه الأجزاء، حتى إن فهارس المخطوطات المتخصصة لم تشر إليها، وكم كانت فرحتي عظيمة يوم أن علمت بوجود ثلاث نسخ مخطوطة من هذا الكتاب في دار الكتب بالقاهرة.
وبعد الاستعراض السريع لهذا الكتاب للتعرف على مادته ومنهجه ظهر لي أنه كتاب اعتمد أسلوب العلل على الأسانيد خلافا لعلل ابن أبي حاتم الذي اعتمد أسلوب العلل على الأبواب فكتاب الدارقطني هذا هو من كتب العلل الفريدة التي اعتمدت منهجا موحدا، لا كما هو الحال في علل أحمد وابن المديني وابن معين وأصل الترمذي قبل ترتيبه.
والمنهج الذي سلكه الدارقطني أنه يذكر الصحابي ومن روى عنه ويذكر العلل في حديث هذا الصحابي من هذه الطريق، ثم ينتقل إلى الصحابي الآخر بعد أن يستوفي الرواة عن الصحابي الأول. ففي الجزء الأول: بدأ بأبي بكر الصديق - رضي الله عن هـ -. وقال: حديث عمر عن أبي بكر، ثم حديث عثمان عن أبي بكر، ثم حديث علي عن أبي بكر.. وفي كل مرة يذكر العلل في هذه الطرق.
وأما الجزء الثاني فقد أتم الكلام في أوله عن عبد الله بن مسعود، فعرض حديث عتبة عنه ثم حديث مسروق عنه وهكذا.. ثم ذكر مسند
1 / 87