هو كقول ثابت، قدم علينا عمران بن حصين، ومثل قول مجاهد: خرج علينا علي، وكقول الحسن: إن سراقة بن مالك بن جعشم حدثهم، وكقوله: غزا بنا مجاشع".
ولا يفوتني أن أنبه وأنا أتناول هذا القسم بالعرض، إلى أن الباحثين في الحديث قد يقعون في الوهم والخطأ إذا اعتمدوا على كتب التراجم المشهورة وتركوا كتب العلل، فإن أشخاصا كثيرين يذكر لهم السماع وحقيقة الأمر غير ذلك.
والمقارنة بين ما ذكره علي بن المديني هنا عن الحسن البصري، وبين ما ذكره صاحب تهذيب التهذيب تبين للباحث دقة ابن المديني، وتعميم غيره وتوسعه كأن يقول صاحب التهذيب:
"روي عن أبي بن كعب وسعد بن عبادة وعمر بن الخطاب، ولم يدركهم. وعن ثوبان وعمار بن ياسر وأبي هريرة وعثمان بن أبي العاص ومعقل بن سنان لم يسمع منهم، وعن عثمان وعلي وأبي موسى وعمران بن حصين وجندب البجلي وابن عمرو وابن عباس وابن عمر ومعاوية ومعقل بن يسار وجابر وخلق".
وفي هذه العبارة سمى قوما، وقال: لم يدركهم، وسمى آخرين، وقال: ولم يسمع منهم. وسمى فئة ثالثة، ولم يذكر نفي الإدراك أو السماع. بينما جاء النفي القاطع بعدم سماع الحسن من بعضهم كعمران بن حصين، وابن عباس، وجابر.
القسم الثالث:
وهذا القسم ذكر فيه ابن المديني مجموعة من الأحاديث، وبين علة كل واحد منها، وعرض طرقه عرضا مستفيضا سيرا على أسلوبه الذي سبق وأن أشرت إليه، وفيما يلي مثال من هذا القسم: "قال علي: وحديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال
"أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله".
قال: رواه صالح، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة.
ورواه عقيل، فخالفه صالح في إسناد، فرواه عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي هريرة، عن عمر بن الخطاب.
ورواه ابن عيينة عن أبي هريرة مرسلا.
ورواه معمر عن الزهري عن عبيد الله مرسلا.
ورواه سفيان بن حسين عن الزهري عن عبيد الله عن أبي هريرة
ورواه عمران القطان فخالفهم جميعا فرواه عن معمر عن الزهري عن أنس عن أبي بكر، والحديث حديث عبد الله".
القسم الرابع:
وفي هذا القسم تعرض لعدد من الرجال، من حيث العدالة والضعف، وثبوت الرواية عنهم أو انقطاعها كما أن فيه البيان لكثير من الوفيات والكنى:
قال علي: إسرائيل ضعيف.
قال علي: عنبسة البصري الذي يروي عن الحسن، روى عنه عبد الوهاب الثقفي: ضعيف.
قال علي: غاضرة بن عروة الفقيمي شيخ مجهول، لم يرو عن غير عاصم بن هلال.
وبعد هذه الجولة في كتاب العلل لابن المديني، أقول: إن هذه المعرفة أساسية لرجل العلل، ومن يستوعبها ويتقنها فلا بد أن يصبح من رجال هذا الفن. وكلام علي هذا مبثوث في الكتب التي جاءت بعده، ككتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم.
1 / 63