قد أرسى أحد الأسس لعلم العلل خاصة وعلم الرجال عامة، ومن خلال كلمات علي بن المديني يصل القارئ إلى التصور الصادق لطرق الرواية وبيان خطوطها عبر الأجيال افتراقا واتفاقا.
أما القسم الثاني:
ففيه عملية استقصاء للرواية عن بعض الرواة، وجاء هذا بعد أن ذكر مسارات الرواية في البلدان. وفي هذا القسم يتابع الرواية عن شخص واحد، فيذكر من سمع منه، ومن لم يسمع. وقد بدأ بالصحابي الجليل زيد بن ثابت، فذكر من روى عنه من أهل المدينة، ثم من روى عنه من أهل الكوفة، ثم من روى عنه ولم يثبت سماعه منه. ثم ذكر بعض الأحاديث كنماذج تطبيقية.
وقد عقد في هذا القسم فصلا عن الحسن البصري، فجاء كلاما ضافيا وافيا أظهر فيه قدرة علمية فائقة فكشف حركة الحديث عن الحسن صحة وعلة. ولعل ابن المديني هو أول من نقل الحديث إلى ميدان الدراسة التحليلية الشاملة المستقصية. ولا بأس أن ننتقل إلى عبارته فلعلها تعطي القارئ مزيد إيضاح وبيان "قال علي: سمع الحسن من عثمان بن عفان وهو غلام، ومن عثمان بن أبي العاص ومن أبي بكر، ولم يسمع من عمران بن حصين شيئا، وليس بصحيح، لم يصح عن الحسن عن عمران سماع من وجه صحيح ثابت.
قلت: سمع الحسن من جابر؟ قال: لا.
قلت: سمع الحسن من أبي سعيد الخدري؟ قال: لا.
كان بالمدينة أيام كان ابن عباس بالبصرة، استعمله عليها علي، وخرج إلى صفين. وقال في حديث الحسن: خطبنا ابن عباس بالبصرة، إنما
1 / 62