طبقات الرواة في مختلف الأمصار، مع ذكر أول من صنف في الحديث. وفي هذه المقدمات ذكر للمكثرين من الرواة، وإلقاء الضوء على من دار عليه الإسناد منهم من عهد الصحابة - رضوان الله عليهم - إلى زمن ابن المديني. وفيما يلي نص من كلامه:
"قال علي: لم يكن من أصحاب النبي ﷺ أحد له أصحاب يفتون بقوله في الفقه إلا ثلاثة: عبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وابن عباس، وكان لكل رجل منهم أصحاب يقولون بقوله ويفتون الناس. وكان أصحاب عبد الله الذين يقرأون بقراءته، ويفتون بقوله، ويذهبون مذهبه: علقمة بن قيس، والأسود بن يزيد، ومسروق بن الأجدع، وعبيدة السلماني، وعمرو بن شرحبيل، والحارث بن قيس، ستة هؤلاء عدهم إبراهيم النخعي، وكان أعلم أهل الكوفة بأصحاب عبد الله وطريقتهم ومذاهبهم إبراهيم والشعبي، إلا أن الشعبي كان يذهب مذهب مسروق، يأخذ من علي وأهل المدينة وغيرهم، وكان إبراهيم يذهب مذهب أصحابه، أصحاب عبد الله هؤلاء.
وكان أبو إسحاق وسليمان الأعمش أعلم أهل الكوفة بمذهب عبد الله وطريقته، والحكم بعد هذين، وكان سفيان بن سعيد أعلم الناس بهذين وبحديثهم وطريقهم، ولا يقدم عليهم أحدا".
إنها كلمات معدودة يتابع من خلالها ابن المديني الحركة العلمية - الحديث منها خاصة - خلال مئة وخمسين عاما، في الكوفة، بدأها بابن مسعود - رضي الله عن هـ - وانتهى بسفيان الثوري.
وانتهج هذا الأسلوب في مدرسة المدينة بدءا بزيد بن ثابت، وفي مدرسة مكة بدءا بابن عباس وانتهاء بابن جريح، كما تعرض للرواة في الشام والبصرة وواسط.
وبهذا الأسلوب القائم على استقصاء طبقات الرواة يكون علي بن المديني
1 / 61