وبعد أن حدد ابن رجب ﵀ مكان علم العلل من علم التصحيح والتضعيف دخل إلى علم العلل فقسمه إلى قسمين رئيسيين:
"القسم الأول: في معرفة مراتب كثير من أعيان الثقات وتفاوتهم، وحكم اختلافهم وقول من يرجع منهم عند الاختلاف.
والقسم الثاني: في معرفة قوم من الثقات لا يوجد ذكر كثير منهم أو أكثرهم في كتب الجرح، قد ضعف حديثهم، إما في بعض الأماكن أو في بعض الأزمان، أو بعض الشيوخ".
ثانيا - التقعيد:
عرف التصنيف على طريقة القواعد الكلية في علوم العقيدة، والتفسير، والفقه، والأصول، منذ زمن بعيد قبل ابن رجب، الذي لم يكن كتابه القواعد بدعا في هذا اللون من التصنيف رغم ما وصفه به صاحب كشف الظنون فقال"وهو كتاب نافع من عجائب الدهر، حتى أنه استكثر عليه، وزعم بعضهم أنه وجد قواعد مبددة لشيخ الإسلام ابن تيمية، فجمعها، وليس الأمر كذلك، بل كان ﵀ فوق ذلك، كذا قيل".
وأما قواعد ابن رجب في العلل، والتي نحن بصدد التعليق عليها، فهي ولا شك بدع في موضوعها، وأسلوب جديد في عرض علوم الحديث. وهو وإن لم يأتي بجديد في هذه القواعد إلا أنه جمع قواعد مبددة، ولم شعث فروع متشابهه فكان بهذا أول من علمناه صنف كتابا أفرد فيه قواعد العلل في الحديث. ويكون بهذا قد لفت نظر الباحثين إلى اتجاه جديد في دراسة علوم الحديث ينصب على التقعيد، وممن سار على مثل هذا النهج العلامة ظفر أحمد العثماني التهانوي في كتابه "قواعد في علوم الحديث" وعبد الحي اللكنوي في كتابه
1 / 54