وقواعد كلية، تكون للكتاب تتمة، وأردت بذلك تقريب علم العلل على من ينظر فيه، فإنه علم قد هجر في هذا الزمان".
وفي هذا القسم يجد الباحث نفسه أمام منهج فريد في التصنيف لم يشارك فيه ابن رجب أحد من السابقين، كما سيجد الباحث في هذه القواعد متعة ما بعدها متعة، وتضعه أمام منهج تطبيقي حي.
وفيما يلي عرض للسمات الأساسية لمنهج ابن رجب في هذا الجزء من الكتاب:
أولا - حسن التقسيم ودقته:
وهي سمة أساسية في هذا الجزء من الكتاب تحدد معالم مادته، وتيسر فهمه وإدراكه، ورغم ما في علم العلل من الصعوبة والاتساع إلا أن حسن التقسيم ودقته تجاوزت الصعوبة المعهودة إلى سهولة غير معهودة في كتب العلل السابقة على ابن رجب.
وقد بدأ ابن رجب هذا التقسيم ببيان مكان علم العلل من علوم الحديث، أو على الأخص، من علوم التصحيح والتضعيف، فقال:
"أعلم أن معرفة صحة الحديث وسقمه تحصل من وجهين:
أحدهما: معرفة رجالهم وثقتهم وضعفهم، ومعرفة هذا هين، لأن الثقات الضعفاء قد دونوا في كثير من التصانيف، وقد اشتهرت بشرح أحوالهم التواليف.
والوجه الثاني: معرفة مراتب الثقات وترجيح بعضهم على بعض عند الاختلاف إما في الإسناد، وإما في الوصل والإرسال، وإما في الوقف والرفع، ونحو ذلك، وهذا هو الذي يحصل من معرفته وإتقانه وكثرة ممارسته الوقوف على علل الحديث".
1 / 53