وسبب هذا التوسع، عند ابن رجب، إنما يرجع إلى أن كتاب "العلل الصغير" يعتبر من أوائل كتب المصطلح في ذلك الوقت المبكر، الذي لم يكن فيه التصنيف في هذا الفن قد بلغ رشده بعد، ثم توالت التصانيف بعد الترمذي وجمعت أقوال العلماء في هذا العلم، فكان على ابن رجب أن يضم اللاحق إلى السابق.
وكذلك فإن مكانة الترمذي وإمامته لم تمنع ابن رجب من أن يستدرك عليه، وهي استدراكات قيمة تظهر علم ابن رجب وفضله، وسنرى في الكلام عن "شرح الترمذي" استدراكات ابن رجب الهامة كأن يقول: وفي الباب مما لم يخرجه الترمذي، أما في شرح العلل فإنه يكثر من الاستدراكات، كما في المثال الآتي:
قال الترمذي:
"جميع ما في هذا الكتاب معمول به، وقد أخذ به بعض العلماء، ما خلا حديثين: حديث ابن عباس - رضي الله عن هما - أن النبي ﷺ جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، في المدينة، من غير خوف ولا سفر".
وحديث النبي ﷺ: "إذا شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه".
وقال ابن رجب:
"وكان مراد الترمذي ﵀ أحاديث الأحكام. وقد روى في كتاب الحج حديث جابر في "التلبية عن النساء"، ثم ذكر أن الإجماع أن لا يلبى عن النساء، فهذا ينبغي أن يكون حديثا ثالثا مما لم يؤخذ به عند الترمذي".
(وقد وردت أحاديث أخر، ذكر بعضهم أنه لم يعمل بها أيضا، فمنها ما أخرجه الترمذي، وأكثرها لم يخرجه. فمنها حديث: "من غسل ميتا
1 / 49