ومن رجال هذا الفن الحاذقين فيه عبد الرحمن بن مهدي (المتوفى سنة ١٩٨هـ)، وهو الذي قال عنه علي بن المديني: "لو أخذت فأحلفت بين الركن والمقام لحلفت بالله أنني لم أر أحدا قط أعلم بالحديث من عبد الرحمن بن مهدي وقال صالح بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي: أيما أثبت عندك عبد الرحمن بن مهدي أو وكيع؟ قال: عبد الرحمن أقل سقطا من وكيع في سفيان، قد خالفه وكيع في ستين حديثا من حديث سفيان، وكان عبد الرحمن يجيء بها على ألفاظها، وكان لعبد الرحمن توق حسن".
وأما يحيى بن معين بن عون المري أبو زكريا (المتوفى سنة ٢٣٣هـ) فإليه انتهى علم العلل حتى قال عنه الإمام أحمد: "ههنا رجل خلقه الله لهذا الشان". ومن آثاره التي وصلتنا "التاريخ والعلل" وفيه علم غزير ومعرفة واسعة في علم الرجال والعلل، ولم يكتب هو بيده شيئا وإنما جمع عدد من تلاميذه أخباره ومسائله في العلل كعثمان الدارمي، وعباس الدوري، وابن الجنيد، ومضر بن محمد، وابن محرز، وخالد بن الهيثم. وقل أن نجد رجلا لم يتكلم ابن معين فيه جرحا أو تعديلا، ولقد عرف أهل زمانه مكانته به بالمدينة والمنادي ينادي: هذا الذي ذب الكذب عن أحاديث رسول الله ﷺ.
ومن كبار النقاد ورجال العلل أبو الحسن علي بن جعفر المديني (المتوفى سنة ٢٣٤هـ) شيخ البخاري، قال عنه أو حاتم الرازي: "كان علي بن المديني علما في الناس في معرفة الحديث والعلل". وقد ترجم له ابن رجب في شرح
1 / 32