41

Explicación de la Doctrina Tahawiyya

شرح العقيدة الطحاوية

Investigador

أحمد شاكر

Editorial

وزارة الشؤون الإسلامية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٨ هـ

Ubicación del editor

والأوقاف والدعوة والإرشاد

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ تَكُونُ بِالْفِعْلِ، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ﴾ (١) فَهَذِهِ شَهَادَةٌ مِنْهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِمَا يَفْعَلُونَهُ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَشْهَدُ بِمَا جَعَلَ آيَاتِهِ الْمَخْلُوقَةَ دَالَّةً عَلَيْهِ، وَدَلَالَتُهَا إِنَّمَا هِيَ بِخَلْقِهِ وَجَعْلِهِ. وَأَمَّا مَرْتَبَةُ الْأَمْرِ بِذَلِكَ وَالْإِلْزَامِ بِهِ، وَأَنَّ مُجَرَّدَ الشَّهَادَةِ لَا يَسْتَلْزِمُهُ، لَكِنَّ الشَّهَادَةَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ تَدُلُّ عَلَيْهِ وَتَتَضَمَّنُهُ - فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ شَهِدَ بِهِ شَهَادَةَ مَنْ حَكَمَ بِهِ، وَقَضَى وَأَمَرَ وَأَلْزَمَ عِبَادَهُ بِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ (٢)، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ (٣)، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ (٤)، ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا﴾ (٥)، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ (٦)، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ (٧)، وَالْقُرْآنُ كُلُّهُ شَاهِدٌ بِذَلِكَ. وَوَجْهُ اسْتِلْزَامِ شَهَادَتِهِ سُبْحَانَهُ لِذَلِكَ: أَنَّهُ إِذَا شَهِدَ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، فَقَدْ أَخْبَرَ ونبّأ وَأَعْلَمَ وَحَكَمَ وَقَضَى أَنَّ مَا سِوَاهُ لَيْسَ بِإِلَهٍ، وَأَنَّ إِلَهِيَّةَ مَا سِوَاهُ بَاطِلَةٌ، فَلَا يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ سِوَاهُ، كَمَا لَا تَصْلُحُ الْإِلَهِيَّةُ لِغَيْرِهِ. وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ الْأَمْرَ بِاتِّخَاذِهِ وَحْدَهُ إِلَهًا، وَالنَّهْيَ عَنِ اتِّخَاذِ غَيْرِهِ مَعَهُ إِلَهًا. وَهَذَا يَفْهَمُهُ الْمُخَاطَبُ مِنْ هَذَا النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، كَمَا إِذَا رَأَيْتَ رَجُلًا يَسْتَفْتِي رَجُلًا أَوْ يَسْتَشْهِدُهُ أَوْ يَسْتَطِبُّهُ وَهُوَ لَيْسَ أَهْلًا لِذَلِكَ، وَيَدَعُ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لَهُ، فَتَقُولُ: هَذَا لَيْسَ بِمُفْتٍ وَلَا شَاهِدٍ وَلَا طَبِيبٍ، الْمُفْتِي فُلَانٌ، وَالشَّاهِدُ فُلَانٌ، وَالطَّبِيبُ فُلَانٌ، فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ مِنْهُ وَنَهْيٌ.

(١) سورة التَّوْبَةِ آية: ١٧. (٢) سورة الْإِسْرَاءِ آية: ٢٣. (٣) سورة النَّحْلِ آية: ٥١. (٤) سورة البينة آية: ٥. (٥) سورة التوبة آية: ٣١. (٦) سورة الْإِسْرَاءِ آية: ٢٢. (٧) سورة الْقَصَصِ آية: ٨٨.

1 / 44