Explicación de la Doctrina Tahawiyya
شرح العقيدة الطحاوية
Investigador
أحمد شاكر
Editorial
وزارة الشؤون الإسلامية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤١٨ هـ
Ubicación del editor
والأوقاف والدعوة والإرشاد
Géneros
Doctrinas y sectas
وَأَشْهَرُ مَنْ عُرِفَ تَجَاهُلُهُ وَتَظَاهُرُهُ بِإِنْكَارِ الصَّانِعِ: فِرْعَوْنُ، وَقَدْ كَانَ مُسْتَيْقِنًا بِهِ فِي الْبَاطِنِ، كَمَا قَالَ مُوسَى: ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ﴾ (١).
وَقَالَ تَعَالَى عَنْهُ وَعَنْ قَوْمِهِ: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ (٢). وَلِهَذَا [لما] قَالَ: وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ عَلَى وَجْهِ الْإِنْكَارِ لَهُ تَجَاهُلَ الْعَارِفِ - قَالَ لَهُ مُوسَى: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ﴾ ﴿قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ﴾ ﴿قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ﴾ ﴿قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ﴾ ﴿قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ (٣).
وَقَدْ زَعَمَ طَائِفَةٌ أَنَّ فِرْعَوْنَ سَأَلَ مُوسَى مُسْتَفْهِمًا عَنِ الْمَاهِيَّةِ، وَأَنَّ الْمَسْئولَ عَنْهُ لَمَّا لَمْ يكُنْ لَهُ مَاهِيَّةٌ، عَجَزَ مُوسَى عَنِ الْجَوَابِ! وَهَذَا غَلَطٌ. وَإِنَّمَا هَذَا اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ وَجَحْدٍ، كَمَا دَلَّ سَائِرُ آيَاتِ الْقُرْآنِ عَلَى أَنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ جَاحِدًا لِلَّهِ، نَافِيًا لَهُ، لَمْ يَكُنْ مُثْبِتًا لَهُ طَالِبًا لِلْعِلْمِ بِمَاهِيَّتِهِ. فَلِهَذَا بَيَّنَ لَهُمْ مُوسَى أَنَّهُ مَعْرُوفٌ، وَأَنَّ آيَاتِهِ وَدَلَائِلَ رُبُوبِيَّتِهِ أَظْهَرُ وَأَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ عَنْهُ بِمَا هُوَ؟ بَلْ [إنه] أَعْرَفُ وَأَظْهَرُ وَأَبْيَنُ مِنْ أَنْ يُجْهَلَ، بَلْ مَعْرِفَتُهُ مُسْتَقِرَّةٌ فِي الْفِطَرِ أَعْظَمَ مِنْ مَعْرِفَةِ كُلِّ مَعْرُوفٍ.
وَلَمْ يُعْرَفْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الطَّوَائِفِ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْعَالَمَ لَهُ صَانِعَانِ مُتَمَاثِلَانِ فِي الصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ.
فَإِنَّ الثَّنَوِيَّةَ مِنَ الْمَجُوسِ، وَالْمَانَوِيَّةَ الْقَائِلِينَ بِالْأَصْلَيْنِ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ، وَأَنَّ الْعَالَمَ صَدَرَ عَنْهُمَا -: مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ النُّورَ خَيْرٌ مِنَ الظُّلْمَةِ، وَهُوَ الْإِلَهُ الْمَحْمُودُ، وَأَنَّ الظُّلْمَةَ شِرِّيرَةٌ مَذْمُومَةٌ، وَهُمْ مُتَنَازِعُونَ فِي الظُّلْمَةِ، هَلْ هِيَ قَدِيمَةٌ أَوْ
(١) سورة الْإِسْرَاءِ آية: ١٠٢. (٢) سورة النمل آية: ١٤. (٣) سورة الشُّعَرَاءِ الآيات: ٢٤ - ٢٨.
1 / 29