176

Explicación de la Doctrina Tahawiyya

شرح العقيدة الطحاوية

Editor

أحمد شاكر

Editorial

وزارة الشؤون الإسلامية

Edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٨ هـ

Ubicación del editor

والأوقاف والدعوة والإرشاد

أَدْرِي مَا أَعْتَقِدُ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَعْتَقِدُ، وَبَكَى حَتَّى أَخْضَلَ لِحْيَتَهُ. وَلِابْنِ أَبِي الْحَدِيدِ الْفَاضِلِ الْمَشْهُورِ بِالْعِرَاقِ:
فِيكَ يَا أُغْلُوطَةَ الْفِكَرِ ... حَارَ أَمْرِي وَانْقَضَى عُمُرِي
سَافَرَتْ فِيكَ الْعُقُولُ فَمَا ... رَبِحَتْ إِلَّا أَذَى السَّفَرِ
فَلَحَى اللَّهُ الْأُلَى زَعَمُوا ... أَنَّكَ الْمَعْرُوفُ بِالنَّظَرِ
كَذَبُوا إِنَّ الَّذِي ذَكَرُوا ... خَارِجٌ عَنْ قُوَّةِ الْبَشَرِ
وَقَالَ الْخَوْفَجِيُّ عِنْدَ مَوْتِهِ: مَا عَرَفْتُ مِمَّا حَصَّلْتُهُ شَيْئًا سِوَى أَنَّ الْمُمْكِنَ يَفْتَقِرُ إِلَى الْمُرَجَّحِ، ثُمَّ قَالَ: الِافْتِقَارُ وَصْفٌ سَلْبِيٌّ، أَمُوتُ وَمَا عَرَفْتُ شَيْئًا وَقَالَ آخَرُ: أَضْطَجِعُ عَلَى فِرَاشِي وَأَضَعُ الْمِلْحَفَةَ عَلَى وَجْهِي، وَأُقَابِلُ بَيْنَ حُجَجِ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ، وَلَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدِي مِنْهَا شَيْءٌ.
وَمَنْ يَصِلْ إِلَى مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ إِنْ لَمْ يَتَدَارَكْهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ وَإِلَّا تَزَنْدَقَ، كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ: مَنْ طَلَبَ الدِّينَ بِالْكَلَامِ تَزَنْدَقَ، وَمَنْ طَلَبَ الْمَالَ بِالْكِيمْيَاءِ أَفْلَسَ، وَمَنْ طَلَبَ غَرِيبَ الْحَدِيثِ كَذَبَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: حُكْمِي فِي أَهْلِ الْكَلَامِ أَنْ يُضْرَبُوا بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَيُطَافَ بِهِمْ فِي الْقَبَائِلِ وَالْعَشَائِرِ، وَيُقَالُ: هَذَا جَزَاءُ مَنْ تَرَكَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَأَقْبَلَ عَلَى الْكَلَامِ. وَقَالَ: لَقَدِ اطَّلَعْتُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ عَلَى شَيْءٍ مَا ظَنَنْتُ مُسْلِمًا يَقُولُهُ، وَلَأَنْ يُبْتَلَى الْعَبْدُ بِكُلِّ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ -مَا خَلَا الشِّرْكَ بِاللَّهِ - خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يُبْتَلَى بِالْكَلَامِ. انْتَهَى.
وَتَجِدُ أَحَدَ هَؤُلَاءِ عِنْدَ الْمَوْتِ يَرْجِعُ إِلَى مَذْهَبِ الْعَجَائِزِ، فَيُقِرُّ بِمَا أَقَرُّوا بِهِ وَيُعْرِضُ عَنْ تِلْكَ الدَّقَائِقِ الْمُخَالِفَةِ لِذَلِكَ، الَّتِي كَانَ يَقْطَعُ بِهَا، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ فَسَادُهَا، أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ صِحَّتُهَا، فَيَكُونُونَ فِي نِهَايَاتِهِمْ - إِذَا سَلِمُوا مِنَ الْعَذَابِ - بِمَنْزِلَةِ أَتْبَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ وَالْأَعْرَابِ.
وَالدَّوَاءُ النَّافِعُ لِمِثْلِ هَذَا الْمَرَضِ، مَا كَانَ طَبِيبُ الْقُلُوبِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ يَقُولُهُ - إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ -: «اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ

1 / 179