173

Explicación de la Doctrina Tahawiyya

شرح العقيدة الطحاوية

Investigador

أحمد شاكر

Editorial

وزارة الشؤون الإسلامية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٨ هـ

Ubicación del editor

والأوقاف والدعوة والإرشاد

الْخَامِسُ: التَّرْكِيبُ مِنَ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ، هُمْ سَمَّوْهُ تَرْكِيبًا لِيَنْفُوا بِهِ صِفَاتِ الرَّبِّ تَعَالَى، وَهَذَا اصْطِلَاحٌ مِنْهُمْ لَا يُعْرَفُ فِي اللُّغَةِ، وَلَا فِي اسْتِعْمَالِ الشَّارِعِ، فَلَسْنَا نُوَافِقُهُمْ عَلَى هَذِهِ التَّسْمِيَةِ وَلَا كَرَامَةَ. وَلَئِنْ سَمَّوْا إِثْبَاتَ الصِّفَاتِ تَرْكِيبًا، فَنَقُولُ لَهُمْ: الْعِبْرَةُ لِلْمَعَانِي لَا لِلْأَلْفَاظِ، سَمُّوهُ مَا شِئْتُمْ، وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى التَّسْمِيَةِ بِدُونِ الْمَعْنَى حُكْمٌ! فَلَوِ اصْطُلِحَ عَلَى تَسْمِيَةِ اللَّبَنِ خَمْرًا، لَمْ يَحْرُمْ بِهَذِهِ التَّسْمِيَةِ.
السَّادِسُ: التَّرْكِيبُ مِنَ الْمَاهِيَّةِ وَوُجُودِهَا، وَهَذَا يَفْرِضُهُ الذِّهْنُ أَنَّهُمَا غَيْرَانِ، وَأَمَّا فِي الْخَارِجِ، هَلْ يُمْكِنُ ذَاتٌ مُجَرَّدَةٌ عَنْ وُجُودِهَا، وَوُجُودُهَا مُجَرَّدٌ عَنْهَا؟ هَذَا مُحَالٌ. فَتَرَى أَهْلَ الْكَلَامِ يَقُولُونَ: هَلْ ذَاتُ الرَّبِّ وُجُودُهُ أَمْ غَيْرُ وُجُودِهِ؟ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ خَبْطٌ كَثِيرٌ. وَأَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً رَأْيُ الْوَقْفِ وَالشَّكِّ فِي ذَلِكَ. وَكَمْ زَالَ بِالْاسْتِفْسَارِ وَالتَّفْصِيلِ كَثِيرٌ مِنَ الْأَضَالِيلِ وَالْأَبَاطِيلِ.
وَسَبَبُ الْإِضْلَالِ الْإِعْرَاضُ عَنْ تَدَبُّرِ كَلَامِ اللَّهِ وَكَلَامِ رَسُولِهِ، وَالِاشْتِغَالُ بِكَلَامِ الْيُونَانِ وَالْآرَاءِ الْمُخْتَلِفَةِ. وَإِنَّمَا سُمِّيَ هَؤُلَاءِ: أَهْلَ الْكَلَامِ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يُفِيدُوا عِلْمًا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا، وَإِنَّمَا أَتَوْا بِزِيَادَةِ كَلَامٍ قَدْ لَا يُفِيدُ، وَهُوَ مَا يَضْرِبُونَهُ مِنَ الْقِيَاسِ لِإِيضَاحِ مَا عُلِمَ بِالْحِسِّ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْقِيَاسُ وَأَمْثَالُهُ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَمَعَ مَنْ يُنْكِرُ الْحِسَّ. وَكُلُّ مَنْ قَالَ بِرَأْيِهِ وَذَوْقِهِ وَسِيَاسَتِهِ - مَعَ وُجُودِ النَّصِّ، أَوْ عَارَضَ النَّصَّ بِالْمَعْقُولِ - فَقَدْ ضَاهَى إِبْلِيسَ، حَيْثُ لَمْ يُسَلِّمْ لِأَمْرِ رَبِّهِ، بَلْ قَالَ: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ (١) وَقَالَ تَعَالَى: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾ (٢) وَقَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (٣) وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى﴾

(١) سورة ص آية ٧٦.
(٢) سورة النِّسَاءِ آية ٨٠.
(٣) سورة آلِ عِمْرَانَ آية ٣١.

1 / 176