158

Explicación de la Doctrina Tahawiyya

شرح العقيدة الطحاوية

Investigador

أحمد شاكر

Editorial

وزارة الشؤون الإسلامية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٨ هـ

Ubicación del editor

والأوقاف والدعوة والإرشاد

إِلَّا مَنْ أَيَّدَهُ اللَّهُ كَمَا أَيَّدَ نَبِيَّنَا، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ﴾ (١). قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ: لَا يُطِيقُونَ أَنْ يَرَوُا الْمَلَكَ فِي صُورَتِهِ، فَلَوْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ فِي صُورَةِ بِشَرٍ، وَحِينَئِذٍ يَشْتَبِهُ عَلَيْهِمْ: هَلْ هُوَ بَشَرٌ أَوْ مَلَكٌ؟ وَمِنْ تَمَامِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا أَنْ بَعَثَ فِينَا رَسُولًا مِنَّا.
وَمَا أَلْزَمَهُمُ الْمُعْتَزِلَةُ هَذَا الْإِلْزَامَ إِلَّا لَمَّا وَافَقُوهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا دَاخِلَ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجَهُ. لَكِنَّ قَوْلَ مَنْ أَثْبَتَ مَوْجُودًا يُرَى لَا فِي جِهَةٍ، أَقْرَبُ إِلَى الْعَقْلِ مِنْ قَوْلِ مَنْ أَثْبَتَ مَوْجُودًا قَائِمًا بِنَفْسِهِ لَا يُرَى وَلَا فِي جِهَةٍ.
وَيُقَالُ لِمَنْ قَالَ بِنَفْيِ الرُّؤْيَةِ لِانْتِفَاءِ لَازِمِهَا وَهُوَ الْجِهَةُ: أَتُرِيدُ بِالْجِهَةِ أَمْرًا وُجُودِيًّا أَوْ أَمْرًا عَدَمِيًّا؟ فَإِنْ أَرَادَ بِهَا أَمْرًا وُجُودِيًّا كَانَ التَّقْدِيرُ: كُلُّ مَا لَيْسَ فِي شَيْءٍ مَوْجُودٌ لَا يُرَى، وَهَذِهِ الْمُقَدِّمَةُ مَمْنُوعَةٌ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى إِثْبَاتِهَا، بَلْ هِيَ بَاطِلَةٌ، فَإِنَّ سَطْحَ الْعَالَمِ يُمْكِنُ أَنْ يُرَى، وَلَيْسَ الْعَالَمُ فِي عَالَمٍ آخَرَ. وَإِنْ أَرَدْتَ بِالْجِهَةِ أَمْرًا عَدَمِيًّا، فَالْمُقْدِمَةُ الثَّانِيَةُ مَمْنُوعَةٌ، فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي جِهَةٍ بِهَذَا الْاعْتِبَارِ.
وَكَيْفَ يَتَكَلَّمُ فِي أُصُولِ الدِّينِ مَنْ لَا يَتَلَقَّاهُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَإِنَّمَا يَتَلَقَّاهُ مِنْ قَوْلِ فُلَانٍ؟! وَإِذَا زَعَمَ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَا يَتَلَقَّى تَفْسِيرَ كِتَابِ اللَّهِ مِنْ أَحَادِيثِ الرَّسُولِ، وَلَا يَنْظُرُ فِيهَا، وَلَا فِيمَا قَالَهُ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، الْمَنْقُولِ إِلَيْنَا عَنِ الثِّقَاتِ النَّقَلَةِ، الَّذِينَ تَخَيَّرَهُمُ النُّقَّادُ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَنْقُلُوا نَظْمَ الْقُرْآنِ وَحْدَهُ، بَلْ نَقَلُوا نَظْمَهُ وَمَعْنَاهُ، وَلَا كَانُوا يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ كَمَا يَتَعَلَّمُ الصِّبْيَانُ، بَلْ يَتَعَلَّمُونَهُ بِمَعَانِيهِ. وَمَنْ لَا يَسْلُكُ سَبِيلَهُمْ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ بِرَأْيِهِ، وَمَنْ يَتَكَلَّمُ بِرَأْيِهِ وَمَا يَظُنُّهُ دِينَ اللَّهِ وَلَمْ يَتَلَقَّ ذَلِكَ مِنَ الْكِتَابِ

(١) سورة الْأَنْعَامِ آية ٨.

1 / 161