Explicación de la Doctrina Tahawiyya
شرح العقيدة الطحاوية
Investigador
أحمد شاكر
Editorial
وزارة الشؤون الإسلامية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤١٨ هـ
Ubicación del editor
والأوقاف والدعوة والإرشاد
Géneros
Doctrinas y sectas
مَزْبُورِ الْأَوَّلِينَ، فَفِي نَفْسِ اللَّفْظِ وَاشْتِقَاقِهِ مَا يُبَيِّنُ الْمَعْنَى الْمُرَادَ، وَيُبَيِّنُ كَمَالَ بَيَانِ الْقُرْآنِ وَخُلُوصِهِ مِنَ اللَّبْسِ. وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ: ﴿الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ﴾ (١)، أَيْ: ذِكْرَهُ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ. ﴿فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ﴾ (٢) وَ﴿لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾ (٣) وَ﴿كِتَابٍ مَكْنُونٍ﴾ (٤)، لِأَنَّ الْعَامِلَ فِي الظَّرْفِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَفْعَالِ الْعَامَّةِ، مِثْلَ الْكَوْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ وَالْحُصُولِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، أَوْ يُقَدَّرُ: مَكْتُوبٌ فِي كِتَابٍ، أَوْ فِي رَقٍّ. وَالْكِتَابُ: تَارَةً يُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهِ مَحَلُّ الْكِتَابَةِ، وَتَارَةً يُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهِ الْكَلَامُ الْمَكْتُوبُ. وَيَجِبُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ كِتَابَةِ الْكَلَامِ فِي الْكِتَابِ، وَكِتَابَةِ الْأَعْيَانِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْخَارِجِ فِيهِ - فَإِنَّ تِلْكَ إِنَّمَا يُكْتَبُ ذِكْرُهَا. وَكُلَّمَا تَدَبَّرَ الْإِنْسَانُ هَذَا الْمَعْنَى وَضَحَ لَهُ الْفَرْقُ.
وَحَقِيقَةُ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى الْخَارِجِيَّةُ: هِيَ مَا يُسْمَعُ مِنْهُ أَوْ مِنَ الْمُبَلِّغِ عَنْهُ، فَإِذَا سَمِعَهُ السَّامِعُ عَلِمَهُ وَحَفِظَهُ. فَكَلَامُ اللَّهِ مَسْمُوعٌ لَهُ مَعْلُومٌ مَحْفُوظٌ، فَإِذَا قَالَهُ السَّامِعُ فَهُوَ مَقْرُوءٌ لَهُ مَتْلُوٌّ، فَإِنْ كَتَبَهُ فَهُوَ مَكْتُوبٌ لَهُ مَرْسُومٌ. وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا لَا يَصِحُّ نَفْيُهُ. وَالْمَجَازُ يَصِحُّ نَفْيُهُ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ فِي الْمُصْحَفِ كَلَامُ اللَّهِ، وَلَا: مَا قَرَأَ الْقَارِئُ كَلَامَ اللَّهِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ﴾ (٥). وَهُوَ لَا يَسْمَعُ كَلَامَ اللَّهِ مِنَ اللَّهِ، وَإِنَّمَا يَسْمَعُهُ مِنْ مُبَلِّغِهِ عَنِ اللَّهِ. وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ مَنْ قَالَ: أَنَّ الْمَسْمُوعَ عِبَارَةٌ عَنْ كَلَامِ اللَّهِ وَلَيْسَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ، فَإِنَّهُ تَعَالَى قَالَ: ﴿حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ﴾ (٦)، وَلَمْ يَقُلْ حَتَّى يَسْمَعَ مَا هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ كَلَامِ اللَّهِ. وَالْأَصْلُ الْحَقِيقَةُ. وَمَنْ قَالَ: إِنَّ الْمَكْتُوبَ فِي الْمَصَاحِفِ عِبَارَةٌ عَنْ كَلَامِ اللَّهِ، أَوْ حِكَايَةُ كَلَامِ اللَّهِ، وَلَيْسَ فِيهَا كَلَامُ اللَّهِ: فَقَدْ خَالَفَ
(١) سورة الْأَعْرَافِ آية ١٥٦.
(٢) سورة الطُّورِ آية ٣.
(٣) سورة الْبُرُوجِ آية ٢٢.
(٤) سورة الْوَاقِعَةِ آية ٧٨.
(٥) سورة التَّوْبَةِ آية ٦.
(٦) سورة التَّوْبَةِ آية ٦
1 / 143