117

Explicación de la Doctrina Tahawiyya

شرح العقيدة الطحاوية

Editor

أحمد شاكر

Editorial

وزارة الشؤون الإسلامية

Edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٨ هـ

Ubicación del editor

والأوقاف والدعوة والإرشاد

الْحَمِيَّةِ وَالْعَصَبِيَّةِ وَهَوَى النَّفْسِ كَانَ مَذْمُومًا، بَلْ نَفْسُ الْجِهَادِ إِذَا قَاتَلَ الرَّجُلُ حَمِيَّةً وَعَصَبِيَّةً كَانَ مَذْمُومًا، فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْفَخْرَ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ﴾ (١). وَقَالَ تَعَالَى: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ﴾ (٢) فَعُلِمَ أَنَّ الْمَذْمُومَ إِنَّمَا هُوَ التَّفْضِيلُ عَلَى وَجْهِ الْفَخْرِ، أَوْ عَلَى وَجْهِ الِانْتِقَاصِ بِالْمَفْضُولِ. وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ أَيْضًا قَوْلُهُ ﷺ: «لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ»، إِنْ كَانَ ثَابِتًا، فَإِنَّ هَذَا قَدْ رُوِيَ فِي نَفْسِ حَدِيثِ مُوسَى، وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ. لَكِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقُولُ: إَنَّ فِيهِ عِلَّةً، بِخِلَافِ حَدِيثِ مُوسَى، فَإِنَّهُ صَحِيحٌ لَا عِلَّةَ فِيهِ بِاتِّفَاقِهِمْ.
وَقَدْ أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِجَوَابٍ آخَرَ، وَهُوَ: أَنَّ قَوْلَهُ ﷺ: «لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى مُوسَى»، وَقَوْلَهُ: «لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ» نَهْيٌ عَنِ التَّفْضِيلِ الْخَاصِّ، أَيْ: لَا يُفَضَّلُ بَعْضُ الرُّسُلِ عَلَى بَعْضٍ بِعَيْنِهِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ» فَإِنَّهُ تَفْضِيلٌ عَامٌّ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ. وَهَذَا كَمَا لَوْ قِيلَ: فُلَانٌ أَفْضَلُ أَهْلِ الْبَلَدِ، لَا يَصْعُبُ عَلَى أَفْرَادِهِمْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قِيلَ لِأَحَدِهِمْ: فُلَانٌ أَفْضَلُ مِنْكَ. ثُمَّ إِنِّي رَأَيْتُ الطَّحَاوِيَّ ﵀ قَدْ أَجَابَ بِهَذَا الْجَوَابِ فِي شَرْحِ مَعَانِي الْآثَارِ.
وَأَمَّا مَا يُرْوَى أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى يُونُسَ بْنِ مَتَّى»، وَأَنَّ بَعْضَ الشُّيُوخِ قَالَ: لَا يُفَسِّرُ لَهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ حَتَّى يُعْطَى مَالًا جَزِيلًا، فَلَمَّا أَعْطَوْهُ فَسَّرَهُ بِأَنَّ قُرْبَ يُونُسَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ كَقُرْبِي مِنَ اللَّهِ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ وَعَدُّوا هَذَا تَفْسِيرًا عَظِيمًا. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَهْلِهِمْ بِكَلَامِ اللَّهِ وَبِكَلَامِ رَسُولِهِ لَفْظًا وَمَعْنًى، فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا

(١) سورة الْإِسْرَاءِ آية ٥٥.
(٢) سورة الْبَقَرَةِ آية ٢٥٣.

1 / 120