Explicación de la Doctrina Tahawiyya

Ibn Abi al-Izz d. 792 AH
108

Explicación de la Doctrina Tahawiyya

شرح العقيدة الطحاوية

Investigador

أحمد شاكر

Editorial

وزارة الشؤون الإسلامية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٨ هـ

Ubicación del editor

والأوقاف والدعوة والإرشاد

لِلصِّنَاعَاتِ وَالْمَقَالَاتِ، كَمَنْ يَدَّعِي الْفِلَاحَةَ وَالنِّسَاجَةَ وَالْكِتَابَةَ، وَعِلْمَ النَّحْوِ وَالطِّبِّ وَالْفِقْهِ وَغَيْرَ ذَلِكَ. وَالنُّبُوَّةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى عُلُومٍ وَأَعْمَالٍ لَا بُدَّ أَنْ يَتَّصِفَ الرَّسُولُ بِهَا، وَهِيَ أَشْرَفُ الْعُلُومِ وَأَشْرَفُ الْأَعْمَالِ. فَكَيْفَ يَشْتَبِهُ الصَّادِقُ فِيهَا بِالْكَاذِبِ؟ وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ: قَدْ يَقْتَرِنُ بِهِ مِنَ الْقَرَائِنِ مَا يَحْصُلُ مَعَهُ الْعِلْمُ الضَّرُورِيُّ، كَمَا يَعْرِفُ الرَّجُلُ رِضَى الرَّجُلِ وَحُبَّهُ وَبُغْضَهُ وَفَرَحَهُ وَحُزْنَهُ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا فِي نَفْسِهِ، بِأُمُورٍ تَظْهَرُ عَلَى وَجْهِهِ، قَدْ لَا يُمْكِنُ التَّعْبِيرُ عَنْهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ﴾ (١) ثُمَّ قَالَ: ﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾. وَقَدْ قِيلَ: مَا أَسَرَّ أَحَدٌ سَرِيرَةً إِلَّا أَظْهَرَهَا اللَّهُ عَلَى صَفَحَاتِ وَجْهِهِ وَفَلَتَاتِ لِسَانِهِ. فَإِذَا كَانَ صِدْقُ الْمُخْبِرِ وَكَذِبُهُ يُعْلَمُ بِمَا يَقْتَرِنُ مِنَ الْقَرَائِنِ، فَكَيْفَ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، كَيْفَ يَخْفَى صِدْقُ هَذَا مِنْ كَذِبِهِ؟ وَكَيْفَ لَا يَتَمَيَّزُ الصَّادِقُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْكَاذِبِ بِوُجُوهٍ مِنَ الْأَدِلَّةِ؟ وَلِهَذَا لَمَّا كَانَتْ خَدِيجَةُ ﵂ تَعْلَمُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ الصَّادِقُ الْبَارُّ، قَالَ لَهَا لَمَّا جَاءَهُ الْوَحْيُ: «إِنِّي قَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي (٢)، فَقَالَتْ: كَلَّا - وَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتُقِرِّي الضَّيْفَ، وَتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ». فَهُوَ لَمْ يَخَفْ مِنْ تَعَمُّدِ الْكَذِبِ، فَهُوَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ ﷺ أَنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ، وَإِنَّمَا خَافَ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَرَضَ لَهُ عَارِضُ سُوءٍ، وَهُوَ الْمَقَامُ الثَّانِي، فَذَكَرَتْ خَدِيجَةُ مَا يَنْفِي هَذَا، وَهُوَ مَا كَانَ مَجْبُولًا عَلَيْهِ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ

(١) سُورَةُ مُحَمَّدٍ آيَة ٣٠. (٢) في المطبوعة «على عقلي»! وهو خطأ فاحش، لعله من الناسخ، بل هو كلام غير معقول، وحاشا رسول الله ﷺ أن يقول هذا. بل إن بعض العلماء فسر خشيته على نفسه، في هذا الحديث، بأنه خشي الجنون! واستنكره الحافظ في الفتح ١: ٢٣، قال وأبطله أبو بكر بن العربي، وحق له أن يبطل «.

1 / 111