============================================================
قدرة عليها ولا قضد ولا اختيار، هذا باطل؛ لأنا نفرق بالضرورة بين حركة البظش وحركة الارتعاش، ونعلم أن الأول باختياره دون الثاني (1).
فإن قيل: لا معنى لكون العبد فاعلا بالاختيار إلا كونه موجدا لأفعاله بالقضد والإرادة، وقد سبق أن الله تعالى مستقل بخلق الأفعال وايجادها، ومعلوم آن المقدور الواحد لا يدخل تحت قدرتين مستقلتين.
قلنا: لا نسلم أنه لا معنى لكونه فاعلا بالاختيار إلا كونه موجدا لأفعاله، بل معناه أن يكون لقدرة العبد وإرادته مدخل في بعض الأفعال، وصرف العبد قدرته وإرادته إلى الفعل كسب، وإيجاد الله تعالى الفعل غقيب ذلك خلق، والمقدور الواحد داخل تحت قدرتين، لكن بجهتين مختلفتين، فالفعل مقدور الله تعالى بجهة الايجاد(2)، ومقدور العبد بجهة الكسب، وهذا القدر ضروري: (1) قال الشيخ العلامة المفسر أبو السعود العمادي: القدرة الحادثة لغة: القوة.
واصطلاحا: صفة وجودية تقارن الفعل الاختياري وتتعلق به كسبا لا اختراعا: فخرجت الأزلية. وهي من جملة أفعاله تعالى. وموجودة في العبد عندنا مقارنة لفعله ولا تبقى بشخصها لعرضيتها، بل بنوعها. وتوالي آمثالها على حسب مشيئته تعالى: ومشهور أدلة المتكلمين على ثبوتها: التفرقة؛ وذلك أنا نفرض حركتين متحدتين محلا وجهة، وإحداهما اختيارية والآخرى رعشية، فيبطل رجوع التفرقة إلى نفس الحركتين لتماثلهما، ويبطل رجوعهما إلى الجهة أو المحل لاتحادهما في الحركتين. لا يقال ترجع التفرقة إلى سلامة البنية لوجودها فيها حالة تحريك غيره يده إكراها وتحريك يده بنفسه، ولا لذات المتحرك، لأن المعقول منها في الحالين واحد. ويبطل رجوعها إلى اللون، لأنه موجود فيها وإلى السمع والبصر والحياة لوجود ذلك في الحالين، لا إلى حال؛ لأن الأحوال لا تطرأ على حيالها، ولا إلى العلم؛ لأنه موجود فيها. ولا يقال ترجع التفرقة إلى الإرادة لوجود التفرقة حال الذهول. فتعين آن يكون لمعنى موجود مع إحداهما دون الأخرى. قال الشيخ شرف الدين: لاويمتنع كونه عدميا؛ لأن الإنسان يحسه من نفسه، والعدم لا يحس". قال الآمدي وإمام الحرمين والشامل: لأن العدم لا يعلل ولا يعلل به، فرجع كونه وجوديا وقالت الجبرية وجهم ابن صفوان: لا قدرة. وقال الفخر في المعالم: تلك التفرقة ترجع إلى سلامة البنية واعتدال المزاج. والرد عليهم بما تقدم. (راجع: تفسير آبي السعود ج1/ ص80).
(2) أي: الإخراج من العدم إلى الوجود.
ثاي اترخ العقائد العضدية/9201119626012312011/1/24
Página 34