Comentario de Al-Zurqani sobre Muwatta del Imam Malik

Muhammad ibn Abdul Baqi al-Zurqani d. 1122 AH
70

Comentario de Al-Zurqani sobre Muwatta del Imam Malik

شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك

Investigador

طه عبد الرءوف سعد

Editorial

مكتبة الثقافة الدينية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٢٤هـ - ٢٠٠٣م

Ubicación del editor

القاهرة

مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْجَمْعِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، بِخِلَافِ رِوَايَةِ وُهَيْبٍ فَيَطْرُقُهَا احْتِمَالُ التَّوْزِيعِ بِلَا تَسْوِيَةٍ، قَالَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ. (ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا) لَمْ تَخْتَلِفِ الرِّوَايَاتُ فِي ذَلِكَ، وَيَلْزَمُ مَنِ اسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ تَعْمِيمِ الرَّأْسِ بِالْمَسْحِ - يَعْنِي كَمَالِكٍ وَتَبِعَهُ الْبُخَارِيُّ - أَنْ يَسْتَدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ التَّرْتِيبِ لِلْإِتْيَانِ بِقَوْلِهِ ثُمَّ فِي الْجَمِيعِ، لِأَنَّ كِلَا الْحُكْمَيْنِ مُجْمَلٌ فِي الْآيَةِ بَيَّنَتْهُ السُّنَّةُ بِالْفِعْلِ، كَذَا قَالَ الْحَافِظُ وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ، لِأَنَّ إِسْقَاطَ الْبَاءِ فِي قَوْلِهِ: مَسَحَ رَأْسَهُ، مَعَ كَوْنِهَا فِي الْآيَةِ ظَاهِرٌ فِي وُجُوبِ مَسْحِ جَمِيعِهِ، وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ أَكَّدَهُ فِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ كُلِّهِ، بِخِلَافِ لَفْظِ ثُمَّ لَا يُفِيدُ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ بَلْ يَتَحَقَّقُ بِالسُّنَّةِ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّ التَّثْلِيثَ وَنَحْوَهُ وَاجِبٌ لِأَنَّهُ مُجْمَلٌ فِي الْآيَةِ أَيْضًا. (ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ) بِالتَّكْرَارِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمَرَّتَيْنِ لِكِلْتَا الْيَدَيْنِ. قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: الْمَنْقُولُ فِي عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ أَسْمَاءَ الْأَعْدَادِ وَالْمَصَادِرَ وَالْأَجْنَاسَ إِذَا كُرِّرَتْ كَانَ الْمُرَادُ حُصُولَهَا مُكَرَّرَةً لَا التَّأْكِيدَ اللَّفْظِيَّ فَإِنَّهُ قَلِيلُ الْفَائِدَةِ لَا يَحْسُنُ حَيْثُ يَكُونُ لِلْكَلَامِ مَحْمَلٌ غَيْرُهُ، مِثَالُ ذَلِكَ: جَاءَ الْقَوْمُ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، أَوْ رَجُلًا رَجُلًا، وَضَرَبْتُهُ ضَرْبًا ضَرْبًا أَيِ اثْنَيْنِ بَعْدَ اثْنَيْنِ، وَرَجُلًا بَعْدَ رَجُلٍ، وَضَرْبًا بَعْدَ ضَرْبٍ، قَالَ: وَهَذَا مِنْهُ أَيْ غَسْلِهِمَا مَرَّتَيْنِ بَعْدَ مَرَّتَيْنِ، أَيْ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِالْغَسْلِ مَرَّتَيْنِ. وَقَالَ الْحَافِظُ: لَمْ تَخْتَلِفِ الرِّوَايَاتُ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى فِي غَسْلِ الْيَدَيْنِ مَرَّتَيْنِ. وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ حَبَّانَ بْنِ وَاسِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ «أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ تَوَضَّأَ. وَفِيهِ وَغَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى ثَلَاثًا ثُمَّ الْأُخْرَى ثَلَاثًا» . فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ وُضُوءٌ آخَرُ لِاخْتِلَافِ مُخَرِّجِ الْحَدِيثَيْنِ. (إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ) تَثْنِيَةُ مِرْفَقٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ، وَبِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْفَاءِ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ، وَهُوَ الْعَظْمُ النَّاتِئُ فِي آخِرِ الذِّرَاعِ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ يُرْتَفَقُ بِهِ فِي الِاتِّكَاءِ وَنَحْوِهِ، وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى دُخُولِهِمَا فِي غَسْلِ الْيَدَيْنِ لِأَنَّ " إِلَى " فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى " مَعَ " كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ﴾ [النساء: ٢] (سُورَةُ النِّسَاءِ: الْآيَةُ ٢) وَرَدَ بِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقَرِينَةَ دَلَّتْ عَلَيْهِ وَهِيَ أَنَّ مَا بَعْدَ إِلَى مِنْ جِنْسِ مَا قَبْلَهَا. وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: الْيَدُ يَتَنَاوَلُهَا الِاسْمُ إِلَى الْإِبِطِ لِحَدِيثِ عَمَّارٍ أَنَّهُ تَيَمَّمَ إِلَى الْإِبِطِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، فَلَمَّا جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ [المائدة: ٦] (سُورَةُ الْمَائِدَةِ: الْآيَةُ ٦) مَغْسُولًا مَعَ الذِّرَاعَيْنِ بِحَقِّ الِاسْمِ. انْتَهَى. فَإِلَى هُنَا حَدٌّ لِلْمَتْرُوكِ لَا لِلْمَغْسُولِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لَفْظُ إِلَى يُفِيدُ مَعْنَى الْغَايَةِ مُطْلَقًا، فَأَمَّا دُخُولُهَا فِي الْحُكْمِ وَخُرُوجُهَا فَأَمْرٌ يَدُورُ مَعَ الدَّلِيلِ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: ١٨٧] (سُورَةُ الْبَقَرَةِ: الْآيَةُ ١٨٧) دَلِيلُ عَدَمِ دُخُولِهِ النَّهْيُ عَنِ الْوِصَالِ. وَقَوْلُ الْقَائِلِ: حَفِظْتُ الْقُرْآنَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ دَلِيلُ الدُّخُولِ كَوْنُ الْكَلَامِ مَسُوقًا لِحِفْظِ

1 / 120