Comentario de Al-Zurqani sobre Muwatta del Imam Malik

Muhammad ibn Abdul Baqi al-Zurqani d. 1122 AH
63

Comentario de Al-Zurqani sobre Muwatta del Imam Malik

شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك

Investigador

طه عبد الرءوف سعد

Editorial

مكتبة الثقافة الدينية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٢٤هـ - ٢٠٠٣م

Ubicación del editor

القاهرة

خَمْسَةِ أَقْدَامٍ، وَفِي الشِّتَاءِ خَمْسَةَ أَقْدَامٍ إِلَى سَبْعَةِ أَقْدَامٍ» " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ قَالَ: وَذَلِكَ بَعْدَ ظِلِّ الزَّوَالِ، فَلَعَلَّ الْإِبْرَادَ كَانَ رَيْثَمَا يَكُونُ لِلْجِدَارِ ظِلٌّ يَأْوِي إِلَيْهِ الْمُجْتَازُ. انْتَهَى. وَالْأَمْرُ لِلِاسْتِحْبَابِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَقِيلَ: أَمْرُ إِرْشَادٍ، وَقِيلَ: لِلْوُجُوبِ. حَكَاهُ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ فَنَقَلَ الْكِرْمَانِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ غَفْلَةً وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِالْجَمَاعَةِ، فَأَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَالتَّعْجِيلُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيِّ لَكِنْ خَصَّهُ أَيْضًا بِالْبَلَدِ الْحَارِّ، وَقَيَّدَ الْجَمَاعَةَ بِمَا إِذَا كَانُوا يَنْتَابُونَ مَسْجِدًا مِنْ بُعْدٍ، فَلَوْ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ أَوْ كَانَ الْمُنْتَابُونَ فِي كُنٍّ فَالْأَفْضَلُ لَهُمُ التَّعْجِيلُ، وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ التَّسْوِيَةُ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ وَلَا قَيْدٍ، وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ وَالْكُوفِيِّينَ وَابْنِ الْمُنْذِرِ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ تَعْجِيلَ الظُّهْرِ أَفْضَلُ مُطْلَقًا، وَقَالُوا: مَعْنَى أَبْرِدُوا صَلُّوا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَخْذًا مِنْ بَرْدِ النَّهَارِ وَهُوَ أَوَّلُهُ وَهُوَ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ يَرُدُّهُ قَوْلُهُ: («فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ») فَإِنَّ التَّعْجِيلَ بِذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ التَّأْخِيرُ، وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: " «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَفَرٍ فَأَرَادَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ ﷺ: " أَبْرِدْ " حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ» " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَالْحَامِلُ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ خَبَّابٍ: " «شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَرَّ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا فَلَمْ يُشْكِنَا» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْ لَمْ يُزِلْ شَكْوَانَا. وَتَمَسَّكُوا أَيْضًا بِالْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى فَضْلِ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَبِأَنَّ الصَّلَاةَ حِينَئِذٍ أَكْثَرُ مَشَقَّةً فَيَكُونُ أَفْضَلَ. وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ خَبَّابٍ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ طَلَبُوا تَأْخِيرًا زَائِدًا عَنْ وَقْتِ الْإِبْرَادِ وَهُوَ زَوَالُ حَرِّ الرَّمْضَاءِ وَذَلِكَ قَدْ يَسْتَلْزِمُ خُرُوجَ الْوَقْتِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُجِبْهُمْ أَوْ هُوَ مَنْسُوخٌ بِأَحَادِيثِ الْإِبْرَادِ فَإِنَّهَا مُتَأَخِّرَةٌ عَنْهُ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ الطَّحَاوِيُّ بِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ: " «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ ثُمَّ قَالَ لَنَا: " أَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ» " الْحَدِيثَ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ بِرِجَالٍ ثِقَاتٍ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَنَقَلَ الْخَلَّالُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ هَذَا آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ، وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِأَنَّ الْإِبْرَادَ رُخْصَةٌ وَالتَّعْجِيلَ أَفْضَلُ وَهُوَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ أَمْرُ إِرْشَادٍ، وَعَكَسَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: الْإِبْرَادُ أَفْضَلُ، وَحَدِيثُ خَبَّابٍ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ وَهُوَ الصَّارِفُ لِلْأَمْرِ عَنِ الْوُجُوبِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ مَنْعُ التَّأْخِيرِ، وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِ خَبَّابٍ فَلَمْ يُشْكِنَا لَمْ يُحْوِجْنَا إِلَى شَكْوَى بَلْ أَذِنَ لَنَا فِي الْإِبْرَادِ، حُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ وَيَرُدُّهُ أَنَّ فِي الْخَبَرِ زِيَادَةً رَوَاهَا ابْنُ الْمُنْذِرِ بَعْدَ قَوْلِهِ فَلَمْ يُشْكِنَا وَقَالَ: " إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَصَلُّوا " وَأَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ كَمَا قَالَ الْمَازِرِيُّ: الْأَوَّلُ. وَالْجَوَابُ عَنْ أَحَادِيثِ أَوَّلِ الْوَقْتِ أَنَّهَا عَامَّةٌ أَوْ مُطْلَقَةٌ، وَالْأَمْرُ بِالْإِبْرَادِ خَاصٌّ وَلَا الْتِفَاتَ إِلَى مَنْ قَالَ: التَّعْجِيلُ أَكْثَرُ مَشَقَّةً فَيَكُونُ أَفْضَلَ لِأَنَّ الْأَفْضَلِيَّةَ لَمْ تَنْحَصِرْ فِي الْشِقِّ بَلْ قَدْ يَكُونُ الْأَخَفُّ أَفْضَلَ، كَقَصْرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ.

1 / 113