Comentario de Al-Zurqani sobre Muwatta del Imam Malik
شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك
Investigador
طه عبد الرءوف سعد
Editorial
مكتبة الثقافة الدينية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1424 AH
Ubicación del editor
القاهرة
Géneros
Ciencia del Hadiz
لَيْسَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ إِمَامٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَيَقُولُ هُوَ إِمَامِي، وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّهُ صَاحِبُنَا بِشَهَادَةِ السَّلَفِ لَهُ، وَبِأَنَّهُ إِذَا أُطْلِقَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ قَالَ عَالِمُ الْمَدِينَةِ وَإِمَامُ دَارِ الْهِجْرَةِ، فَالْمُرَادُ بِهِ مَالِكٌ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ عُلَمَائِهَا.
قَالَ عِيَاضٌ: فَوَجْهُ احْتِجَاجِنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ: تَأْوِيلُ السَّلَفِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَالِكٌ وَمَا كَانُوا لَيَقُولُونَ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ.
الثَّانِي: شَهَادَةُ السَّلَفِ الصَّالِحِ لَهُ وَإِجْمَاعُهُمْ عَلَى تَقْدِيمِهِ، يَظْهَرُ أَنَّهُ الْمُرَادُ إِذَا لَمْ تَحْصُلِ الْأَوْصَافُ الَّتِي فِيهِ لِغَيْرِهِ وَلَا أَطْبَقُوا عَلَى هَذِهِ الشَّهَادَةِ لِسِوَاهُ.
الثَّالِثُ: مَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ طَلَبَةَ الْعِلْمِ لَمْ يَضْرِبُوا أَكْبَادَ الْإِبِلِ مِنْ شَرْقِ الْأَرْضِ وَغَرْبِهَا إِلَى عَالِمٍ وَلَا رَحَلُوا إِلَيْهِ مِنَ الْآفَاقِ رِحْلَتَهُمْ إِلَى مَالِكٍ:
فَالنَّاسُ أَكْيَسُ مِنْ أَنْ يَحْمَدُوا رَجُلًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجِدُوا آثَارَ إِحْسَانِ
وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ عَنِ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: " مَا بِتُّ لَيْلَةً إِلَّا رَأَيْتُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا بِمَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَعَ مَالِكٍ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَالِكٌ؟ فَقَالُوا: هَذَا، فَجَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ جَالِسًا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ: (هَاتُوا مَالِكًا، فَأُتِيَ بِكَ تَرْعَدُ فَرَائِصُكَ، فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْكَ بَأْسٌ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ. وَكَنَّاكَ وَقَالَ: اجْلِسْ. فَجَلَسْتَ فَقَالَ: افْتَحْ حِجْرَكَ. فَفَتَحْتَ فَمَلَأَهُ مِسْكًا مَنْثُورًا. وَقَالَ: ضُمَّهُ إِلَيْكَ وَبُثَّهُ فِي أُمَّتِي. فَبَكَى مَالِكٌ طَوِيلًا وَقَالَ: الرُّؤْيَا تَسُرُّ وَلَا تَغُرُّ، وَإِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ فَهُوَ الْعِلْمُ الَّذِي أَوْدَعَنِي اللَّهُ.
وَلْنُمْسِكْ عِنَانَ الْقَلَمِ فَهَذِهِ لُمَعٌ ذَكَرْتُهَا تَبَرُّكًا وَتَذْكِرَةً لِلْقَاصِرِ مِثْلِي، وَإِلَّا فَتَرْجَمَتُهُ تَحْتَمِلُ عِدَّةَ أَسْفَارٍ كِبَارٍ، وَقَدْ أَفْرَدَهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ بِالتَّصَانِيفِ الْعَدِيدَةِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَلَّفَ النَّاسُ فِي فَضَائِلِهِ كُتُبًا كَثِيرَةً.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ عَلَى الْأَشْهَرِ. وَقِيلَ: سَنَةَ تِسْعِينَ. وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ، وَحَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ وَهِيَ الْعَالِيَةُ بِنْتُ شُرَيْكِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَزْدِيَّةُ. وَقِيلَ: إِنَّهَا (طَلْحَةُ) مَوْلَاةُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ ثَلَاثَ سِنِينَ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَقِيلَ: سَنَتَيْنِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَسَارِيُّ قَالَ: كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ طَوِيلًا عَظِيمَ الْهَامَةِ أَصْلَعَ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ أَبْيَضَ شَدِيدَ الْبَيَاضِ إِلَى الشُّقْرَةِ. وَقَالَ مُصْعَبُ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا وَأَحْلَاهُمْ عَيْنًا وَأَنْقَاهُمْ بَيَاضًا وَأَتَمِّهِمْ طُولًا فِي جَوْدَةِ بَدَنٍ. وَقِيلَ: كَانَ رَبْعَةً، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ.
1 / 56